عندما أرادت الولايات المتحدة أن تحرم مصر من حقها المشروع، فى تطهير سيناء من الإرهاب، وأوقفت تسليم طائرات الأباتشى، كسر وزير الدفاع المشير عبدالفتاح السيسى الحصار، بزيارته التاريخية لموسكو فى أوائل العام الماضى، وأبرم اتفاقا مدويا بتوريد صفقة أسلحة روسية لمصر، قيمتها 3.5 مليار دولار، تشمل طائرات الفانتوم 29 ونظام صاروخى للدفاع الجوى، مؤكدا أن مصر لا تخضع للضغوط ولا يُلوى ذراعها، وتستطيع فى أصعب الظروف أن تنوع مصادر التسليح، وتحفظ أمنها واستقلال قرارها الوطنى، ولما أدركت واشنطن أنها على وشك أن تفقد صديقا محوريا فى المنطقة، سارعت بتسليم صفقات الأباتشى المعطلة.
لم يأت موقف روسيا من فراغ، وإنما من مخزون الاحتياطى الاستراتيجى للصداقة المتينة بين الدولتين، ووقوف الاتحاد السوفيتى بجانب مصر فى أحلك الأزمات، منذ صفقة الأسلحة التشيكية سنة 1955، حتى الزيارة المرتقبة التى سيقوم بها الرئيس السيسى لموسكو، التى تفتح مجالات واعدة فى التعاون المشترك بين الدولتين، فى المجالات العسكرية والاقتصادية، والاستخدام السلمى للطاقة النووية، علاوة على تنسيق المواقف وتبادل الرؤى فى القضايا المصيرية فى المنطقة، وأهمها مكافحة الإرهاب وتسوية القضية الفلسطينية على أساس الدولتين، وتشجيع الحل السياسى فى سوريا، وإقرار حق الشعب الليبى فى الحفاظ على سيادته ووحدة أراضيه.
والمأمول أن تثمر الزيارة عن مشروعات واعدة، تعيد للأذهان العصر الذهبى الذى شهد مساعدة الاتحاد السوفيتى لمصر، فى بناء السد العالى، ومصانع الحديد والصلب فى حلوان، ومجمع الألمنيوم فى نجع حمادى، ولا ينسى المصريون وقوف موسكو بجانب عبدالناصر، حين أمم قناة السويس ليبنى السد العالى، وعندما حاولت إنجلترا وأمريكا والبنك الدولى، أن ينصبوا له «سيرك» التمويل، للضغط على مصر والمساس بسيادتها واستقلالها وفرض وصايتهم.. وأخذ ترمومتر العلاقات فى الصعود والهبوط، ووصل أدناه فى فترة الرئيس السادات، واستقر فى المنتصف إبان حكم مبارك، والآن تفتح مصر ذراعيها لكل دول العالم، وفى صدارتها الصديق القديم الذى ساعدنا فى وقت الضيق.