لن يضع حزب النور فى برنامجه الانتخابى تطبيق الشريعة الإسلامية، هكذا أعلن مساعد رئيس الحزب شعبان عبدالعليم، الذى اعتبر، حسب تصريحات للزميلة «الشروق» فى عددها الصادر أمس الأول، أن ذلك نوع من المزايدة على المواطنين والدولة، لأنها موجودة فى الدستور كمادة حاكمة.
قد يرى البعض أن هذا التوجه دليل قاطع على تنازل رئيسى عن قضية عاش الحزب عليها منذ ولادته بعد ثورة 25 يناير، ويفتح هذا المجال الباب واسعا أمام اتهامات للحزب من نوع «الانتهازية السياسية»، و«التزوير السياسى» وغيرها من الاتهامات السياسية الجاهزة، لكن لماذا لا يفكر هؤلاء فى الموضوع بطريقة مختلفة؟
فى زمن مضى كانت قضية الشريعة الإسلامية وتطبيقها هى الجواد الرابح فى أى سباق انتخابى، وبالرغم من أن جماعة الإخوان طرحته بانتهازية سياسية وبتوسع فى انتخابات 1984 التى شهدت تحالفها مع حزب الوفد برئاسة فؤاد سراج الدين، فإن الموضوع برمته أصبح شاغل دوائر الرأى العام والسياسيين والمفكرين لسنوات تالية. تاجرت جماعة الإخوان بالموضوع فى الدورات الانتخابية التى شاركت فيها منذ 1984، وصدرت نفسها بوصفها القوى المؤهلة التى تستطيع تحويل «المطلب النظرى» إلى «واقع عملى»، ويمكن القول إنها من خلاله استطاعت أن تجذب إليها قطاعات شعبية تبحث عن الخلاص، وتستنجد بمن يعينها، وحين وصلت الجماعة إلى الحكم اكتشف الكل أن الموضوع ليس أكثر من متاجرة، ونفاق للعوام، فلا «الجماعة» قصدت تطبيق الشريعة، ولا عملت له، ولا قدمت أى أمارة عنه، والدليل أنها دعت بعد ثورة 25 يناير إلى مليونية فى التحرير تحت شعار «الشرعية والشريعة»، لم يصدقها غير أعضائها وأنصارها الطبيعيين، وكالعادة احتشد هؤلاء فقط، وهتفوا لأنفسهم فقط، ورفعوا شعارات صدقوها هم فقط. اكتشف المصريون أن هناك من يلعب بهم باسم «الشريعة»، وفيما تراجع حديث الإخوان عنها بعد فوزهم بالانتخابات البرلمانية ثم الرئاسية، تطوعت شخصيات كريهة مثل «عبدالله بدر»، و«مرجان» صاحب دعوة تدمير الأهرامات، و«عاصم عبدالماجد» وغيرهم، ويمكن القول بكل ثقة أن هؤلاء كلما كانوا يتحدثون عن الشريعة كانوا يحاربونها فى نفس الوقت، وعزز ذلك تنظيمات إرهابية تدعى تطبيق الشريعة مثل «داعش» و«القاعدة» و«النصرة».
لكل هذه الأسباب، لم يعد الحديث عن الشريعة الإسلامية وتطبيقها ملهمًا وجاذبًا للناخبين، وفى اعتقادى أن حزب النور عرف هذه الحقيقة فتنازل عن قضيته المركزية التى أعطته زخمًا فى الانتخابات الماضية، ويبقى سؤال: هل سيعاقبه ناخبه أم سيتفهمه؟
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة