الصين اختبرت قوتها الاقتصادية الصاعدة بقوة ونجحت فى الاختبار. قرار الصين بخفض قيمة عملتها المحلية، اليوان، هز الاقتصاد العالمى، البورصات العالمية انخفضت بشدة، ودوائر اقتصادية عالمية اعتبرت قرار الصين بأنه إعلان «حرب العملات»، بسبب الميزة التنافسية للصادرات الصينية لانخفاض قيمتها عالميا، والصادرات الصينية للعالم الخارجى بلغت، حسب آخر الإحصاءات، 2.2 تريليون دولار، النسبة الأكبر منها إلى دول الاتحاد الأوروبى والولايات المتحدة الأمريكية.
التنين الصينى يشكل الآن القوة الاقتصادية الثانية فى العالم بعد أمريكا وسبق اليابان، وهو أكبر دولة تجارية وأكبر مصدر وثانى أكبر مستورد فى العالم، وفائض التجارة الخارجية بلغ حتى العام الماضى أكثر من 259 مليار دولار، والاستثمارات الصينية فى الخارج زادت إلى 63.5 مليار دولار. هذه الأرقام تؤكد أن الصين تستطيع أن تؤثر وبقوة فى الاقتصاد العالمى وحتى فى الاقتصاد الأمريكى الذى يشكل %40 من إجمالى اقتصاد العالم، والصراع على المركز الأول الآن بين بكين وواشنطن بدا واضحا، من خلال القرار الصينى بخفض العملة لتنشيط صادراتها التى تباطأت خلال العامين الماضيين، ودعم معدلات النمو التى تباطأت أيضا خلال الفترة الماضية، ليهبط اليوان الصينى إلى أدنى مستوى له فى أربع سنوات.
المسألة لا تتعلق بالصين فقط وخفض عملتها، لأن ذلك سيتبعه بالتأكيد اتجاه دول أخرى، خاصة فى آسيا لتخفيض قيمة عملتها لإحداث التوازن للحفاظ على تنافسية صادراتها، والخطوة لا تعتبرها الصين جديدة، فهناك دول كبرى سعت لتحفيز الناتج المحلى لها وصادراتها للخارج، من خلال مجموعة من الإجراءات، لكن دول العالم تدرك أن خفض العملة الصينية يعنى زيادة الصادرات الصينية على حساب المنتج المحلى.
مصر سوف تتأثر بالتأكيد، والخطوة الصينية المفاجئة تضيف أعباء جديدة على الاقتصاد، وستضطر مصر إلى إجراء مزيد من خفض قيمة الجنيه، مع احتمالات بتعرض السوق المصرى للإغراق الصينى، وبالتالى تهديد المنتج المحلى والصناعة الوطنية المصرية، مع احتمالات قوية بزيادة الصادرات الصينية، وزيادة الطين بلة. فنحن نستورد من الصين بما قيمته 10.4 مليار دولار، مقابل صادرات مصرية بقيمة 1.2 مليار دولار فقط. القرار الصينى يحتاج إلى حزمة إجراءات لحماية الصناعة الوطنية المصرية، وهذا من حق مصر، ولا يخالف قرارات المنظمات الاقتصادية العالمية.