خرج اللبنانيون اعتراضا على تراكم الزبالة فى شوارع بيروت، بسبب خلافات السياسة التى عطلت التعاقد مع شركة نظافة، اللبنانيون لم يصبروا على الزبالة أسابيع، بينما نحن نرى الزبالة جزءا من مشهد يومى فى أحياء كثيرة، وهى زبالة فى الشكل والمضمون أكثر من الكميات التى أخرجت اللبنانيين.
لدينا محافظون ورؤساء أحياء ومدن وقرى، تركوا الزبالة حتى صارت معالم واضحة، و«ريحتهم طلعت» ومع هذا مازالوا فى أماكنهم، انتشرت صورة فى إحدى مدن وسط الدلتا، تم رصف الشارع، والدوران حول كوم زبالة، وكأن المسؤولين اعتبروا كوم الزبالة معلما سياحيا، لا يجب الاقتراب منه، وهناك شكاوى وصور وتقارير وفيديوهات تعبر تعبيرا واضحا عن الزبالة فى أحياء بالقاهرة، والإسكندرية ومحافظات مختلفة فى بحرى والصعيد.
اللافت للنظر أن نشطاءنا بأنواعهم قضوا أوقاتهم وخصصوا تويتاتهم وبوستاتهم لتوجيه نصائح لإخواننا اللبنانيين، بينما لم يلتفتوا مثلا لتنظيم حملات كلٍّ فى حيه ومدينته لكشف المسؤولين الذين «طلعت ريحتهم». مثلما فعل شباب نظم حملات للداخل وليس للخارج.
وبدلا من ذلك وجدنا وكلاء «الأى كلام» يقدمون نصائح غير مطلوبة، غير مدركين أن الوضع فى لبنان مختلف، والحال غير الحال، وتركيبة البلد والسلطة لها خصوصيتها، ونظامهما غير أنظمة أخرى، والحقيقة أن اللبنانيين أثبتوا وعيا بقيمة النظافة، يجب أن نحترمه، وهو وعى يتقدم عما هو لدينا، مع أننا نرى «متفلسفين» يدبجون نظريات هلامية لاعلاقة لها بالثورة ولا التغيير.
لم يلاحظ وكلاء التنظير الجاف عندنا أن اللبنانيين يمتلكون وعيا عاما بالنظافة، وأنهم ربطوا نظافة الشوارع بنظافة المسؤولين والسياسيين وتلاعباتهم ومناوراتهم التى أدت لتراكم الزبالة، هى انتفاضة اجتماعية لا تخلو من السياسة، واللبنانيون لديهم وعى بأحوالهم، ويعرفون اختلافه عن غيره، ويدركون مخاوف وتحديات تحيط بوضع سياسى هش، اللبنانيون يمتلكون خبرات تكونت من تجربة طويلة فى الحرب الأهلية والصراعات، وتدخلات خارجية، وبالتالى لا يفترض أن يظن بعض منظرينا أنهم خبراء لمجرد أنهم جلسوا طويلا خلف الكيبوردات. انشغلوا بتوجيه نصائح غير مطلوبة، فى حالات غير مطروحة.. الخلاصة أننا أمام مسؤولين «طلعت ريحتهم» من الإهمال والفشل وتراكم القمامة فى أحيائهم ومدنهم وقراهم، ونشطاء وسياسيين، طلعت ريحتهم من الادعاء، والتنظير والكسل العقلى.
ولندع كل هؤلاء وننشغل بدعم كل من ينظم حملات حقيقية، لإقالة المسؤول الفاشل، والعاجز عن النظافة والمهمل، وحملات تجريس لكل مدعٍ كسول يحترف «اللت والعجن والتنظير الجاف» ويحول كلماته على مواقع التواصل إلى أكوام نميمة وزبالة وشتيمة فارغة، ونقول لكل هؤلاء: «أنتم اللى ريحتكم طلعت».