يشكو الناس من غلاء كل شىء فى هذه الأيام خاصة اللحوم التى أصبحت علما على الاستطاعة والغنى كالحج تماما، فكما يذهب المصريون للحج والعمرة فى العمر أكثر من مرة مع أن الفرض مرة واحدة للمستطيع إلا أن المصرى دائما يحب أن يؤكد أنه يستطيع ويستطيع ويقدر ويفعلها وأنه لها حتى لو باع كل ما يملك مع أن المنافذ كثيرة غير الحج لنيل رضا الله إلا أنه لا يفعل لأنه على الأرجح متأكد أن الله يعرف أنه ذا مال ولكن الناس لا يعلمون ولن يعلموا حتى يروه فى الحرم كل عام أو عاما بعد عام، وكذلك يفعل المصريون مع اللحوم فكلما غلت كلما تكالبوا على محلات الجزارة فعلى سبيل المثال فى شارعنا محل للجزارة كلما مررت من أمامه وشاهدت طوابير البشر ظننت الناس كلهم أغنياء وهم على ما يبدو كذلك لكن فقط مع اللحوم والسجائر والكيف والحج وحفلات الزفاف ففى كل هذه المناسبات تظهر الفلوس ولكنها تختفى بقدرة قادر عند دفع مصاريف الدراسة للأبناء أو مساعدة الأقارب غير القادرين على الزواج أو إقامة مشاريع الخير أو كل ما يعود على الغير أو الدولة بالخير وهى ظاهرة اجتماعية متأصلة فى نفوسنا من قديم الزمن فحب الظهور يتناسب طرديا مع ما غلا من الأشياء ومع كل ما لا يمكن للكل أن يتحصلوا عليه !! فكيف إذن سنبنى بلدنا وجل دخلنا مصيره إلى الصرف الصحى أو تلويث الجو بدخان التبغ أو تغييب العقل بكل أنواع الكيف ثم كيف يقدم الجزارون إذن على تخفيض أسعار اللحوم وهم يرون الزبائن يشترون أكثر مما كانوا يشترون وهو رخيص؟، أن أمة تدين بدين أحد أركانه الصوم ولا تستطيع استبدال نوع من أنواع الأكل ببدائله الكثيرة والأكثر فائدة منه لا لشىء إلا لأنها أكلات الفقراء، لأمة يحق لباقى الأمم أن يتعجبوا لها ولا يعجبوا بها؟؟ أن شعار "بلاها لحمة" المرفوع هذه الأيام شعار قديم لكن لم يستطعه إلا ذوو القلوب الكبيرة والنفوس القانعة والعقول المستنيرة فقد قيل لإبراهيم بن أدهم: "اللحم غلا يا شيخنا فماذا نفعل؟" فقال: "أرخصوه بالترك" أى إذا لم تشتروه رخص وأنشد يقول:
إذا غلا شىء علىّ تركته * فيكون أرخص ما يكون إذا غلا
أما نحن الآن فنصنع العكس * ونسير عكس الاتجاه؟؟؟
ارتفاع أسعار اللحوم - أرشيفية
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة