كرم جبر

لماذا يصرون على العودة إلى السجن؟

السبت، 29 أغسطس 2015 07:27 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
خيرًا فعل المجلس القومى لحقوق الإنسان، بكشفه أكاذيب الجماعة الإرهابية حول معاملة السجناء، وأهم الملاحظات حكاية الإخوانى السجين فى سجن العقرب الذى التهم طعامًا من «الكانتين» بحوالى 8 آلاف و500 جنيه فى خمسة أيام، يعنى «نفسه مفتوحة» ويأكل بشراهة، ولو كان يعانى تعذيبًا ماديًا أو معنويًا، لكانت الفاتورة أقل من ذلك بكثير، فالسجون لم تعد- كما كانت قديمًا- تكسير حجارة فى الجبل، وتقييدًا من الأرجل بالسلاسل، ولم يعد ضباط السجون من عينة فيلم «البرىء»، ولا «إحنا بتوع الأتوبيس»، وتحرص النيابة العامة على التحقيق فى الشكاوى، واستخدام سلطاتها فى التفتيش المفاجئ، وليس من مصلحة وزارة الداخلية ولا ضباطها أن يوصموا بعار التعذيب، لأنها جريمة لا تسقط بالتقادم، وتطارد مرتكبيها مدى الحياة.

السجون تغيرت، ومن الحكايات الطريفة أن أحد وزراء الداخلية فى عهد الرئيس عبدالناصر قرر بناء زنازين أحد السجون الشهيرة من ألواح الحديد والأسياخ المكشوفة، مثل الأقفاص الكبيرة المرصوصة فوق بعضها، وكان الهدف أن يظل السجناء طوال اليوم مكشوفين أمام بعضهم البعض، فيصابون بالتوتر والاكتئاب وعدم النوم، ويضطربون نفسيًا نتيجة نظرية «عدم الستر»، وشاء القدر أن يكون هذا الوزير هو أول من دخل السجن الذى شيده بنفسه، وذاق مرارة الحبس فى الأقفاص الحديدية التى صنعها لغيره، وعرف أهوال الزنزانة المكشوفة التى تساعد على تحطيم الأعصاب.

أحد رجال الأعمال قال إنه زار صديقًا له فى السجن، فقرر ألا يدخل السجن أبدًا، وقام على الفور بتسديد كل قروضه للبنوك رغم عدم حلول وقت استحقاقها، خوفًا من السجن، فهو لا يتصور أبدًا أن  يجد الإنسان نفسه فاقدًا للحرية، ويتحرك بأوامر سجانه، وليس عليه إلا التنفيذ والطاعة، و«السجين المهم» عندما يواجه الجدران والسجان، يعيد التفكير فى الحياة كلها، وربما تكون اللحظات الأولى فى عمره التى يعيش فيها حالة تأمل وتفكير ومحاسبة الذات، بعد أن كان مشدودًا حتى أذنيه بالحياة ومشاغلها، والسؤال هنا: إذا كان معظم قيادات الجماعة الإرهابية قد ذاقوا مرارة السجن مرة ومرتين وثلاثة، فلماذا يصرون على العودة إليه؟





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة