شهور قليلة ويأتى الشتاء، ويبدو أنه سيرد على نار الصيف بعواصف ثلجية، وعشرات الآلاف من المهاجرين السوريين والعراقيين، مشردين فى غابات تركيا ومقدونيا وصربيا والمجر أملا فى الوصول إلى دول غرب أوروبا، فى رحلة الهروب من جحيم الحرب إلى معسكرات الاعتقال، والمأساة «ارتفعت، سطعت، وسعت، بلغت حد الصلب»، وتنذر بتزايد أعداد المهاجرين، وكوارث موت محقق من البرد والصقيع والجوع، مثلما حدث للسوريين الثمانين، الذين ماتوا مختنقين فى شاحنة فى إحدى غابات النمسا، ومئات الجثث التى تطفو كل يوم فى المياه على سواحل إيطاليا، وضحايا أبرياء كانوا يحلمون بأرض آمنة، فماتوا مفزوعين على أيدى عصابات الاتجار بالبشر، بعد أن سلبوهم كل ما يملكون.
الجامعة العربية لم تحرك ساكنا، ولم تفكر فى إرسال بعثة إغاثة إلى معسكرات اعتقال اللاجئين السوريين فى المجر، الذين تحاصرهم الأسلاك الشائكة المكهربة، والكلاب البوليسية الشرسة، ولا يجدون ماءً ولا طعاما ولا كساءً ويفترشون الأرض، بينما يمتلك العرب ثروات لو تبرعوا بترابها لأنقذوهم من الموت جوعا، على أمل أن تنزل عدالة السماء ويعودوا من جديد إلى أوطانهم التى كانت تفيض بالخير، قبل أن تسكنها داعش وأخواتها وتدمرها الحرب.
والعرب مشغولون بنار الإرهاب التى تمسك ثيابهم، وكل يبكى على ليلاه ولا يدركون أن الظلام يقترب من الجميع، إذا لم يفيقوا ويوحدوا كلمتهم وينبذوا خلافاتهم، ولو بادر أثرياء الخير فى أن يتبرعوا بفتات زكاتهم، لإخوتهم فى العروبة والإسلام، ويوفروا الطعام والكساء والدواء، لأطفال ونساء وعجائز يفرون من الموت إلى الموت.. ويا للعجب، فما زالت بعض جمعيات الإغاثة الإسلامية، تمول جماعات الشيطان بأموال طائلة، ليشتروا بها السيارات المفخخة والمولوتوف، وخناجر ذبح البشر.
و«العالم الحر» شيع ضميره الحر إلى مثواه الأخير، ووضع دول وشعوب المنطقة فى قوائم أعداء الحضارة، وطور نظرية صراع الحضارات إلى تفخيخ الحضارات، واستراح لشعار «لماذا تقتلهم طالما يقتلون أنفسهم»، و«لماذا تهب الحياة لشعوب تكره الحياة»، وأمريكا تصنع الأسلحة والهامبرجر والبيبسى والخوف.. ولا أجد تعليقا إلا «يا أمة الإسلام خلص منى الكلام، لا عينى شايفة حد، ولا شايفة منام».