وبالمقارنة بين «الرشاوى» قبل ثورة يناير، وبعدها، يظهر الفارق الشاسع، فبينما قرأنا جميعا قيمة الرشاوى فى قضية فساد وزارة الزراعة، التى كشفت عنها الأجهزة الرقابية منذ أيام قليلة، والتى تراوحت بين إفطار رمضانى، وهاتفين محمولين، وتأشيرات حج، وملابس، نجد أن «الرشاوى» قبل الثورة، كانت قصورا، وفيلات، وسيارات فارهة، ووحدات سكنية على النيل، وملايين الجنيهات.
الرشوة قبل الثورة كانت ضخمة، لتناسب قيمة وقامة الوزراء والمسؤولين حينذاك، أما بعد الثورة، فأصبحت هواتف محمولة، ووجبة إفطار، لتعكس قيمة الوزراء والمسؤولين.
بعد الثورة، أيضا، تضاعف الفساد المتجذر، وتشعب، واستشرت الرشاوى، وأصبحت كالسرطان ينهش فى جسد الجهاز الإدارى الحكومى، نظرا لغياب الرقابة، وسقوط هيبة الدولة.
وبقراءة متأنية، ومن واقع بيانات النائب العام، تكتشف ما يدهشك، ويصيبك بحالة من الارتباك الشديد فى نوع الرشوة بالقضية التى تضم وزراء ومسؤولين كبارا، ورجال أعمال، والتى تراوحت ما بين، عضوية النادى الأهلى، وملابس، وهاتفين محمولين، وإفطار رمضانى، وتأشيرات حج، وتسأل: هل هذه الرشاوى تستدعى معها أن يلوث وزير، سمعته، ويهدر تاريخه، وتستحق أيضا حجم الشائعات المنتشرة كانتشار النار فى الهشيم عن الشخصيات المتورطة فى القضية، للدرجة التى تردد فيها أن القضية تضم 48 مسؤولا من بينهم 9 وزراء، أى ثلث الحكومة، كل ذلك من أجل هاتفين محمولين؟
ومع الإقرار التام بأن إعلان الدولة الحرب على الفساد أمر جوهرى، للنهوض بهذا الوطن، فإن ترك سمعة الناس فريسة للجماعات المتطرفة تنهش فيها، تحت سمع وبصر الدولة، أمر غير مقبول، وكان يجب عدم إصدار قرار منع النشر فى القضية، وإعلان الأسماء المتورطة بشكل واضح وجلى، لا لَبس فيه، وقطع دابر الشائعات.
ومع احترامى لقرارات القضاء، والنيابة العامة، إلا أن تقديرى للموقف، كان يستلزم عدم إصدار قرار منع النشر فى القضية، وكان لا بد من إعلان أسماء المتورطين بشكل شفاف، لإغلاق أبواب الشائعات، ومنع اغتيال سمعة الناس بالباطل، وقطع الطريق أمام جماعة الإخوان الإرهابية، وعناصر الطابور الخامس من استغلال الشائعات، لإشعال النار على مواقع التواصل الاجتماعى، والقنوات والصحف الإخوانية، وانعكاس ذلك على استقرار الشارع.
نعترف بأن مواجهة الدولة للفساد قرار عظيم، بح صوتنا من المطالبة به لسنوات طويلة دون جدوى، ولكن أيضا، وفى ظل هذه الحرب الضروس، يجب ألا يدفع الأبرياء والشرفاء ثمنا باهظا من سمعتهم، لا لشىء إلا تشفٍّ ونكاية فيهم من جماعة الإخوان الإرهابية، كما يجب على الدولة أن تتدخل بسرعة وبشكل حاسم وقوى لمنع انتشار الشائعات التى تنال من سمعة الشرفاء، وتثير البلبلة فى الشارع، بإعلان الأسماء المتورطة، والدفع بها إلى منصات القضاء، وإغلاق باب المزايدات الرخيصة حول قائمة المتهمين.
ملحوظة مهمة:
عزيزى القارئ، لابد من لفت نظرك إلى أن المقارنة بين الفساد قبل الثورة، وبعدها فى هذا المقال، تأتى من باب (التريقة) والكوميديا السوداء، لذلك وجب التنويه.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة