إذا كانت أحداث 11 سبتمبر هى التى أيقظت مارد الشر الأمريكى، للانتقام من العرب والمسلمين، وتنفيذ مخططات الفناء الذاتى لدول وشعوب المنطقة، التى أنجبت الأشرار منفذى جريمة برجى التجارة، فقد أفلتت مصر من جهنم الفوضى الخلاقة فى 30 يونيو، وغسل المصريون عار انتخاب الإخوان لحكمهم، وأوقفوا الصفقة الكبرى لتحقيق الحلم الأمريكى، فى المضى قدما نحو الشرق الأوسط الكبير، وكان الإخوان على استعداد أن يفعلوا أى شىء، بسبب لهفتهم للحكم وتقديمهم تنازلات سياسية، تضر سلامة الوطن واستقلاله ووحدة أراضيه، وقدم المعزول مرسى عربون الصفقة، بإعلانه الالتزام باتفاقية السلام مع إسرائيل، رغم خطاب الجماعة المعلن بمناصبتها العداء، متخفين وراء شعارات كاذبة لتضليل الرأى العام، وارتداء «سلطانيات» الجهاد النضالى، «علنا» على طريقة «بالملايين ع القدس رايحين» ، و«سرا» بمغازلة مرسى لشيمون بيريز ، بعبارة «عزيزى وصديقى العظيم».
كان مطلوبا من الإخوان أن يفعلوا بمصر، مثلما يفعل الحوثيون وداعش والنصرة وبقية الأرهابيين فى بلادهم، وبدأ التنفيذ بتكليف الإخوان بإيقاظ الفتن الدينية بين السنة والشيعة والمسلمين والأقباط، فى بلد يتحكم التسامح الدينى فى جهازه العصبى، ويتسلح بموروثاته التاريخية فى تحقيق السلم الاجتماعى، وحصدت الجماعة المتآمرة ثمار الشر التى غرست بذورها، وتغلبت الروح الوطنية على النزعات الطائفية، وتصاعدت موجات الكراهية ضد جماعة تعانقت أحلامها فى الخلافة، مع الحلم الأمريكى بالشرق الأوسط الممزق، وتحطمت المؤاموة أمام زحف الملايين الهادرة فى 30 يونيو، وخرج الطرفان يلعقان جراح الفشل، وينتظران لحظة الانقضاض من جديد.
أفلتت مصر من مصيدة الأمريكان والإخوان، لأسباب كثيرة أهمها اللحُمة الوطنية التى تجسدها حكمة فرعونية قديمة، تقول : «فى أوقات المحن يصبح المصريون روحا واحدة فى جسد واحد»، فتصدى المسلمون لفتنة المؤمنين والرويبضة والجنة والنار، واحتمى الأقباط بأحضان الوطن، واتحد الجميع تحت علم مصر.. وتحطمت مؤامرات الأخونة وتفكيك الدولة على صخرة الوعى الوطنى الراسخ فى عقيدة الجيش المصرى، وتسلح الجيش بالشعب راسما على القلب وجه الوطن.. وانتصرت القوة الناعمة المصرية، على أعداء الحضارة والثقافة والوعى والأصالة، وكتب الله لهذا البلد الطيب عمرا جديدا.