يشخص «طاطاناكى» بوعى حقيقى حقيقة الأوضاع فى ليبيا.. ليبيا بلد لا توجد فيه عدّة أعراق متصارعة، وإذا ما ذكرنا الأمازيغ والتبو والطوارق مثلاً، فهذه المكونات ليست جزءًا من الصراع الدائر فى ليبيا، وهو الصراع الذى لا علاقة له بالأسباب الإثنية أو الاجتماعية، وليبيا بلد لا أديان مختلفة ولا طوائف فيه، وإذا ما ذكرنا الأباضية فإننا نعرف جيدًا أن هذا المذهب أقرب إلى المالكية، والمحصلة أنه لا توجد فى ليبيا مذاهب مختلفة لدين واحدت فالليبيون جميعًا على دين واحد، وفضلاً على ذلك فإنهم على مذهب واحد، والصراع الدائر لا علاقة له بالأسباب المذهبية أو الطائفية، أما افتراض أن الصراع هو بين أطراف ليبية متساوية، ولا بد بالتالى من إجبارها عن طريق الأمم المتحدة لكى تنخرط فى حوار سياسى وتجلس معًا على طاولة المفاوضات.. فهو أيضًا نتيجة خاطئة ومتجنيّة لأنها ببساطة تجعل الشعب الليبى، ومجلس النواب الشرعى، والحكومة المنبثقة عنه فى كفة، بينما تجعل الجماعات الإرهابية فى الكفة الثانية!.. هل يستقيم هذا الميزان أيتها الأمم؟ لماذا يتم الترويج إلى أن الحرب التى يخوضها الليبيون وجيشهم ضد الجماعات الإرهابية على أنها حرب أهلية؟، ولمصلحة مَن تصرّ الأمم المتحدة وبعض الدول الكبرى على إقامة حوار والتمهيد لظهور ما يسمى «حكومة وفاق وطنى»؟، حوار بين مَن ومَن؟، ووفاق مع مَن؟.. أساس الحوار لا بد أن يستند إلى قاعدة صحيحة وغير هشّة، فقد يكون الحوار بين جزأين من شعب واحد مختلفين عرقيًا أو سياسيًا، وقد يكون الحوار بين إقليمين متنازعين، ولكن الحوار لا يكون أبدًا بين شعب وعصابة إرهابية تريد أن تسيطر على هذا الشعب.. هذا ما يريد حوار جنيف أن يفرضه على الليبيين الآن، إن الحديث عن حوار ينتهى بحكومة وفاق وطنى يضعنا أمام أسئلة مريرة فعلاً: هل الحكومة التوافقية تعنى أن نساوى بين من دمّر مطارات الدولة ونهب مرافقها السيادية، وأحرق «ورشفانة» و«بنى وليد» وأسر «درنة»، وشرع القتل والتهجير، وبين من سعى لبناء دولة مدنية ديمقراطية، ودفع حياته ثمناً لها؟، هل الحكومة التوافقية تعنى إسباغ صفة المجاهدين على القتلة، أمثال بادى وشعبان هدية وبلحاج وبن قمو وغيرهم، ومساواة هؤلاء بالشهداء الأبرار أمثال عبدالفتاح يونس والمدنى وعلى حدوث وبوحليقة، وسلوى بوقعيقيص، وعبد السلام المسمارى؟.. لقد انتقدت شعوب كثيرة سياسات الأمم المتحدة، ووصفتها فى أكثر من حدث دولى بأنها تكيل بمكيالين، أما بشأن ليبيا فإنها بالإضافة إلى ذلك تمارس قلب الحقائق وتقديم صورة مشوشة عما يحدث على أنه حرب أهلية، بالرغم من أن الجميع يعرفون أنها حرب ضد الإرهاب.
ويخاطب «طاطاناكى» أهله الليبيين بكل صراحة وصدق ووضوح رؤية: «أيها الليبيون إن بلادكم تتعرض الآن للاحتلال من قبل التنظيم الدولى للإخوان المسلمين الذى استعان بالإرهابيين من الداخل والخارج، وإن حربكم الآن هى حرب مصيرية لإنقاذ أنفسكم وإنقاذ بلادكم من مخطط يريد أن ينهب مواردكم، ويصادر مستقبلكم، ويجعل من بلدكم وكرًا للإرهاب فى العالم.. وليس أمامكم الآن سوى مسار واحد لا غير، إما أن تصبحوا شعبًا ذليلًا تتحكم فيه وتحكمه جماعات من شذّاذ الآفاق من إخوان، ودواعش، وقاعدة، وأنصار، وغيرهم، وإما أن تواصلوا حربكم المصيرية هذه لكى تقضوا على الإرهاب بجميع أشكاله، وتحرروا أنفسكم، وتبسطوا سيادتكم على كامل أرضكم، وتبنوا دولة ديمقراطية آمنة تسودها المؤسسات وينظمها القانون ويحميها الجيش.