شىء ما يجعل أبناء الصعيد غاضبين من إثارة قضايا فى القاهرة ولا ينقل الإعلام رأيهم فيها، وفى رد الفعل ستجد منهم من يحدثك عن «الشمال» و«الجنوب»، وأن«الشمال» يحتكر كل الفرص، فى حين أن «الجنوب» لا يحصل إلا على الفتات، وحين ترد على أن النظرة للأمور وفقا لهذا التقسيم هى قمة الخلل، ستجد من يأتى لك بعشرات الأمثلة الدالة على ظلم الصعيد وفقا لوجهة نظرهم.
شىء من هذا وجدته فى زيارتى إلى «سوهاج» بدعوة من جامعتها للمشاركة فى ندوة حول «الإعلام الإقليمى»، واللافت أنه يتعلق باختيار الدكتور محمد أبو الفضل بدران لرئاسة المجلس الأعلى للثقافة، ففى مكتب رئيس الجامعة الدكتور نبيل نور الدين، وبينما يتم الترحيب بحرارة بالضيوف القادمين من «الشمال»، كان الجميع يتجاذب الحديث حول قضايا مختلفة من بينها تجاهل الإعلام للصعيد وكوادره، وضرب أحد المتحدثين مثلا بالجدل الذى أثير حول اختيار الدكتور محمد أبو الفضل بدران رئيسا للمجلس الأعلى للثقافة، قال المتحدث بغضب: «الدكتور أبو الفضل قيمة ثقافية كبيرة وعظيمة، والهجوم عليه لأنه من الصعيد»، وفيما وجد هذا الرأى ترحيبا من البعض، رفضه آخرون، وأشاد رئيس الجامعة بالقرار من زاوية أن الدكتور أبو الفضل جدير بالمنصب، لكن اللافت فى الموضوع أن حالة الجدل التى أثيرت حول القضية كلها تسربت إلى محافظات الصعيد وفقا للتقسيم الجغرافى، وليس وفقا لمعيار الكفاءة.
الدكتور أيمن عبد المنعم محافظ سوهاج الذى حرص على حضور كل فعاليات الندوة، تعجب فى كلمته من أن ابنا من أبناء الصعيد هو الدكتور أبو الفضل يتولى منصب رفيع ويتم الهجوم عليه بشراسة بسبب ذلك بالرغم من اسمه الكبير، وأرجع السبب إلى: «أننا الذين لم نستطع تسويقه»، وفى تقديمه للمؤتمر تحدث الإعلامى البارز حسان بشير ابن الصعيد عن نفس القضية مبديا تعجبه من الهجوم على اختيار الرجل الذى يعد قيمة كبيرة، وعلى أثر هذه الكلمة نال «بشير» تصفيقا حماسيا من معظم المشاركين فى المؤتمر.
لماذا تدحرج الجدل حول هذا الموضوع ليصل إلى الصعيد وفقا لتقسيم مصر بين «القاهرة ومعها بحرى»،فى مقابل «قبلى بمحافظات الصعيد»؟ أطرح السؤال مع ثقتى فى أن أصل القضية ليس كما سمعته من البعض ونقلته هنا، وليس كل أبناء الصعيد ومثقفيه الذين يعيشون فى محافظاته يحملون هذا الرأى، ورغم ذلك فإن للقصة دلالات عميقة.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة