بدأ حلم مصر النووى مع عبد الناصر فى أوائل الستينيات، وقتها كان العالم كله يلهث وراء هذا الحلم أو يستكمل بناؤه، سواء لأهداف اقتصادية أو لأهداف عسكرية، وعلى مر الخمسين عاما الماضية تحول الحلم الكبير إلى كابوس فظيع. فالعديد من دول العالم التى امتلكت هذه الصناعة وأتقنتها قررت وقف إنشاء هذه المفاعلات، بل إن بعضها وضع خطة قصيرة المدى للتخلص من المفاعلات الموجودة فى أرضها، رغم الخسائر المالية الهائلة التى سوف تتكبدها تلك الدول للتخلص من تلك المفاعلات أو لإيجاد مصادر جديدة من الطاقة. ومن هنا خرجت إلى العالم الدعوة بإنهاء الطاقة النووية «Nuclear power phase-out»، حيث أغلقت السويد العديد من مفاعلاتها النووية فى عام 1980، وتبعتها إيطاليا فى 1987 ثم بلجيكا وألمانيا. وبطبيعة الحال كانت المشكلة الأساسية فى هذه المحطات هى عدم توافر معايير للأمان الكامل ولا حتى النص نص. ولا أحد ينسى كارثة محطة فوكشيما النووية اليابانية عام 2011 وهى واحدة من أكبر خمس محطات فى العالم، حينما حدث زلزال «سينداى»، ودمر أنظمة التبريد فى المفاعل، مما اضطر الحكومة اليابانية لإخلاء المدينة كلها، ومازالت محظورة حتى الآن، نحن هنا نتكلم عن اليابان التى تمتلك خبرة هائلة وإمكانيات مهولة فى هذا المجال، ناهيك عن أن أسعار الطاقة النووية الآن أصبحت أغلى بكثير من الطاقة البديلة كالطاقة الشمسية أو الرياح أو انحدار المياه.. إلخ. كما أن مشكلة النفايات النووية الناتجة عن تشغيل هذه المفاعلات أصبحت خطرا يهدد البيئة فى كل أرجاء العالم. ما كان حلما يا سادة منذ خمسين عاما أصبح كابوسا يؤرق العالم الآن، لذلك نحن لن نلحق بالحضارة أو نحقق طفرة حينما نخطو هذه الخطوة، بل على العكس سنكون كمن اشترى «بيجر» والناس تحمل «الآيفون». عندنا فرص عظيمة للطاقة البديلة أفضل بكثير من أن نحول منطقة الساحل الشمالى وسيدى عبد الرحمن ومرسى مطروح لمنطقة رعب. خاصة أن بها ثروة عقارية واستثمارية تتعدى مئات المليارات، ويمكن استغلال ما تبقى من تلك الأراضى الساحلية فى إقامة مدن سياحية رائعة للأجانب تعيد تخطيط هذه المنطقة وتوزع مواردها. ويمكن على الجانب الآخر الموازى للساحل إقامة محطات للطاقة الشمسية أو للرياح تغطى احتياجاتنا من الكهرباء بشكل آمن ونظيف. كل ما أتمناه أن تفكر القيادة السياسية فى هذا الكلام حتى، لا قدر الله، لا نندم وقت لا ينفع فيه الندم.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة