ذات يوم انتهى المؤلف «مايكل هارت» من تأليف كتابه «المائة»، وبعد أن فرغ من إصداره تلقى اقتراحات من علماء وأدباء ورجال دين لإضافة أسماء أخرى، ولكن كانت له مقاييسه الخاصة لاختيار الشخصيات المائة واستبعاد مئات غيرهم. ومن بين هذه المقاييس أن الشخصية يجب أن تكون حقيقية، فهناك شخصيات شهيرة، ولا أحد يعرف إن كانت حقيقة أم أسطورة، مثل الحكيم الصينى لاوتسو، والشاعر الإغريقى هوميروس. كما استبعد المجهولين.. مثل من اخترع النار، وأول من اخترع العجلات، والكتابة.. وهم عباقرة لم نعرف من هم.
كما أنه أقام أساس الاختيار على أن يكون الشخص عميق الأثر، سواء كان هذا الأثر طيبا أم خبيثا، ولذلك اختار هتلر، واعتبره عبقرية شريرة. كما وضع من مقاييسه أن يكون للشخص أثر عالمى، ولذلك استبعد الزعامات السياسية والدينية، والمحلية.. واستبعد المعاصرين له.
لكنه اختار «محمدًا صلى الله عليه وسلم» أول هذه القائمة، ويقول المؤلف: «لقد اخترت محمدًا فى أول هذه القائمة، ويندهش كثيرون لهذا الاختيار، ومعهم حق فى ذلك، ولكن محمدا هو الإنسان الوحيد فى التاريخ الذى نجح نجاحا مطلقا على المستوى الدينى والدنيوى، دعا إلى الإسلام ونشره كواحد من أعظم الديانات، وأصبح قائدا سياسيا وعسكريا ودينيا، وبعد 13 قرنا من وفاته، فإن أثره لا يزال قويا متجددا.
ويقول هارت «أكثر من اخترتهم ولدوا ونشأوا فى مراكز حضارية ومن شعوب متحضرة سياسيا وفكريا إلا محمد، ولد سنة 570 ميلادية فى مكة جنوب شبه الجزيرة العربية فى منطقة متخلفة من العالم القديم بعيدة عن مراكز التجارة والثقافة والفن، مات أبوه وهو لم يخرج بعد إلى الوجود، وأمه وهو فى السادسة من عمره، نشأ فى ظروف متواضعة وكان لا يقرأ ولا يكتب، ولم يتحسن وضعه المادى إلا فى الخامسة والعشرين من عمره عندما تزوج خديجة، ولما قارب الأربعين من عمره، كانت هناك أدلة كثيرة على أنه ذو شخصية فذة بين الناس، وكان أكثر العرب فى ذلك الوقت وثنيين، يعبدون الأصنام، وفى مكة عدد قليل من اليهود والنصارى.
فى الأربعين من عمره امتلأ قلبه إيمانا بأن الله واحد أحد، وأن وحيًا من السماء يتنزل عليه، وأن الله اصطفاه ليحمل رسالة سامية إلى الناس، وأمضى محمد ثلاث سنوات يدعو لدينه الجديد بين أهله وعدد قليل من الناس، وفى 613 ميلادية أذن الله له أن يجاهر بالدعوة إلى الدين الجديد وتحول قليلون إلى الإسلام، وفى 622 هاجر إلى المدينة المنورة، 500 كيلو متر من مكة، وهناك اكتسب الإسلام مزيدا من القوة، واكتسب رسوله عددا كبيرا من الأنصار، ويقول هارت «كانت الهجرة إلى المدينة المنورة نقطة تحول اكتسب الرسول والإسلام قوة ومنعة، وأصبح محمد أقوى وأعمق أثرا فى قلوب الناس».
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة