يبدو أن المفاوضات حول سد النهضة الإثيوبى تسير إلى طريق مسدود أو على الأقل طريق ملىء بالعقبات والصعوبات، وأنها مفاوضات لن تؤدى إلى شىء فى الوقت الذى تستمر فيه أعمال البناء والإنجاز فى السد على قدم وساق دون الالتفات إلى اجتماعات هنا أو مفاوضات واتصالات هناك.
فالجانب الإثيوبى يمضى فى طريقه، والحكومة المصرية متمسكة فقط بالتفاوض والدخول فى تفاصيل المكاتب الاستشارية دون الدخول إلى عمق المشكلة.
ما حدث طوال الشهور الستة الماضية ومنذ توقيع اتفاق إعلان المبادئ بين مصر والسودان وإثيوبيا فى مارس الماضى، بعيد كل البعد عن القضية الحقيقية ومجرد مباحثات مستمرة لإجراء دراسات حول الآثار السلبية لسد النهضة والتى لم تصل إلى نتيجة بل لم يتم البدء فى الأساس فى إجراء هذه الدراسات التى تم الاتفاق عليها.
هناك من يرى أن إثيوبيا نجحت فى إغراق مصر فى المفاوضات والمراهنة على عامل الوقت والزمن لإنجاز المشروع. وبالفعل ما تم إنجازه فى سد النهضة يتجاوز نسبة الـ%55 حتى الآن، بينما كنا ننتظر مهلة المكاتب الاستشارية الدولية المنفذة للدراسات الفنية طوال الشهور الستة الماضية. ومع ذلك ورغم انتهاء المهلة لم تتلق الحكومة المصرية عروض المكتبين الفرنسى والهولندى بشأن خطة العمل.
المفاجأة أن المكتب الهولندى أعلن اعتذاره عن المشاركة فى إجراء الدراسات الفنية ورفض الشروط التى وضعتها اللجنة الثلاثية وكشف أن إثيوبيا كان لديها إصرار على انفراد المكتب الفرنسى فقط بتنفيذ الدراسات لأسباب يعملها الجانب الإثيوبى ولسابقة أعمال بين المكتب الفرنسى وأديس أبابا.
هناك عدم ارتياح فى نوايا الجانب الإثيوبى بعد أن أبدت مصر نواياها السليمة فى التعاون المشترك، وهناك أيضا شكوك حول ما يريده الجانب الإثيوبى، وهل الغرض استمرار المفاوضات ولا شىء آخر على طريقة المفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية: «مفاوضات حتى آخر العمل ولا شىء آخر»، هل تعمل أديس أبابا على عامل الوقت لفرض الأمر الواقع بعد الانتهاء من مجمل أعمال وإنشاءات السد؟
المسألة خطيرة وتحتاج بالفعل إلى مراجعة المواقف وتحتاج أيضا إلى تدخل رئاسى عاجل لإعادة تصحيح المواقف حتى لا نفاجأ بالأمر الواقع ونحن مازلنا فى طريق التفاوض.!