- 11 سبتمبر 2011 كانت نقطة فاصلة فى التاريخ الحديث بحيث يمكن تقسيم العالم كما قال كثير من المحللين: إلى عالم ما قبل 11 سبتمبر.. وعالم ما بعده.
- لقد أسقط القاعدة برجى التجارة العالمية الأمريكيين وهلل بعض السذج من المسلمين وسجد بعض قليلى البصيرة شكراً لله على إذلال أمريكا بسقوط البرجين العظيمين دون أن يتأملوا شرعية ذلك أو العواقب الوخيمة له ودون أن يدركوا أنه ستسقط لدى الإسلام والمسلمين والعروبة أبراج أهم وأخطر.. فقد سقط عندنا برجان عظيمان هما «أفغانستان والعراق».. واحتلت أمريكا كابول وبغداد.. وأوقعت فى البلدين ملايين القتلى والجرحى واليتامى والأرامل والثكالى.
- لقد فتحت 11سبتمبر النيران على كل ما هو إسلامى وأدخلت الإسلام والمسلمين فى مواجهة غير محسوبة العواقب مع الغرب.. وهذه المواجهة لم يكن الإسلام ولا المسلمون ولا بلادهم ولا الحركات الإسلامية راغبة فيها أو مستعدة لها أو مهيأة لدخولها.. وفى هذه المواجهة خسر العالم الإسلامى والمسلمون كثيراً.
- ورغم مرور14 عاماً على ذكرى أحداث 11 سبتمبر فإنها ما زالت تلقى بظلالها على العقل المسلم الذى يريد أن يستلهم من ذكرى الحدث بعض العبر والعظات.
- تأملت الحدث جيداً وقلت لنفسى: أزمة القاعدة الكبرى أنه لم يقرأ التاريخ القديم أو الحديث جيداً.. لم يقرأ شيئاً عن ضرب اليابان لميناء بيرل هاربر الأمريكى ولا عن رد أمريكا فى الخمسينيات على ذلك.
توقف عقل القاعدة عند رد فعل الرئيس الأمريكى كلينتون على تفجير القاعدة لسفارتى أمريكا فى تنزانيا وكينيا.. فقد أطلق كلينتون عدة صواريخ كروز على معسكرات القاعدة المهجورة والتى تركها أصحابها.. ثمن الصواريخ كانت أغلى بكثير من خيام المعسكرات البالية وأدواتها البسيطة.
- سخر القاعدة من أمريكا وكلينتون.. «ظن أنه فى كل مرة ستسلم الجرة».. منع الملا عمر القاعدة وبن لادن من فعل أى شىء انطلاقاً من بلاده أصر زعماء القبائل الأفغانية على طرد القاعدة وزعيمه.. ولكن الملا عمر هدأ روعهم ووعدهم بالتزام القاعدة بعدم إحداث أى حدث من أرض أفغانستان ورفض طرده.. أعطى القاعدة صكوك الطاعة والولاء مرة أخرى للملا عمر فى الوقت الذى كانوا يجهزون فيه لـ11 سبتمبر.
- اعترض بعض قادة القاعدة على ما يريده قادتها وعلى رأسهم أسامة بن لادن.. قال بعضهم لبعض «ليس بوسع أمريكا أن تصنع شيئاً أكثر مما صنعت من قبل.. عدة صواريخ كروز فى الصحراء وسينتهى الأمر.. لم يتوقع قادة القاعدة نجاح الخطة.. كان خالد بن شيبة هو صاحب هذه الفكرة وهو الذى استطاع أن يقنع بها بن لادن وغيره.
- تجربة اليابان تقفز إلى الذاكرة عقب سقوط البرجين فى 11 سبتمبر وذكراها.. ويقفز إلى الذاكرة أيضاً ذلك النصب التذكارى المقام لتخليد ذكرى ضحايا قنبلة هيروشيما والذى يحمل أسماء أكثر من 220 ألف شخص هم الذين لقوا مصرعهم أو تعرضوا للإشعاع.
- حدث الهجوم والحرب العالمية الثانية يشتد أوارها بين انجلترا وألمانيا.. بينما تجرى مباحثات بين أمريكا واليابان لحل خلافاتهما المشتركة سلمياً حتى قال روزفلت هذا هو بالضبط ما يفعله اليابانيون «يتحدثون عن السلام وهم يدبرون للحرب سراً».
- ولم تكن اليابان تريد حربا طويلة مع أمريكا كانت تهدف إلى توجيه ضربة قاضية للقلعة الأمريكية العائمة فى المحيط الهادى حتى تجبر أمريكا على الانسحاب من جنوب شرق آسيا وتكف عن مساعدة الصين.
- كانت اليابان تظن أن أمريكا لن تحارب فى جبهتين.. وقد أثبتت الحرب خطأ اليابانيين.. حيث ردت الولايات المتحدة بدخولها الحرب العالمية الثانية وضربت اليابان بالقنبلة الذرية.
- لقد عانت أمريكا قدراً من المهانة والألم وسقط كبرياؤها وضاعت هيبتها من جراء الهجوم اليابانى على قاعدة بيرل هاربر.. رغم أن ذلك تم خارج الأرض الأمريكية فما كان منها إلا أن اتخذت أخطر قرار فى تاريخ البشرية فى رد فعل غير عقلانى وضربت هيروشيما ونجازاكى بسكانها المدنيين بالقنابل الذرية وأعلنت الحرب على اليابان.
- فما الظن وقد سقطت هيبتها وكرامتها مع أبراجها القوية داخل الأرض الأمريكية وفى وقت عرسها وارتدائها ثوب الإمبراطورية والقطب الأوحد والزمن الأمريكى؟
- لاشك أنه بحجم الإهانة والأثر النفسى على المواطن الأمريكى المغرور ستلجأ الولايات المتحدة إلى رد فعل غير عقلانى أيضا ً.. فهذا هو الأقرب إلى العقلية الأمريكية.. خاصة فى ظل عداء الغرب للإسلام.. ووجود من ينمى هذا العداء داخل الإدارة الأمريكية من يهود ويمين مسيحى متطرف.. وذلك كله أدى إلى سقوط برجين عظيمين من أبراجنا واحتلالهما هما أفغانستان والعراق.. وقتل وتشريد الملايين من أبنائهما.. ولو قرأ القاعدة أحداث هيروشيما ونجازاكى ما قامت أبداً بأحداث 11 سبتمبر.
- والسؤال الآن فى ذكرى 11 سبتمبر:
- لماذا نترك التاريخ يعيد نفسه بدلاً من أن نعيد نحن كتابته من جديد.. ربما لا نستطيع أن نفعل شيئاً جديداً.. لكنا نستطيع أن نستفيد من تاريخ طويل للتجارب الفاشلة والأخطاء القاتلة.. أليس كذلك؟!
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة