بعد نكسة 1967 كنا نخرج فى الشوارع، ونصرخ «طفّى النور» خوفا من الغارات الإسرائيلية الليلية، وأخشى أن نردد نفس العبارة، إذا أفرزت انتخابات البرلمان عددا كبيرا من أعضاء حزب النور، الذى هو أسوأ من الجماعة الإرهابية، ولا تنخدعوا فى خطابهم السياسى الوديع، فتلك حيلة على طريقة المثل العامى الذى يقول «يتمسكن لحد ما يتمكن»، أو على رأى أمير الشعراء أحمد شوقى «برز الثعلب يوما فى ثياب الواعظين»، ولنسأل أنفسنا: ما الفرق بين أعضاء الإرهابيين ونظرائهم من حزب النور، فى مجلس الشعب الإخوانى السابق؟
النور والإخوان كيان واحد وأخوان من الرضاعة، لهما حبل سرى مشترك، يمدهما بعصارة التطرف والتشدد، وارتويا بالفكر التكفيرى من نفس المناهل، ولكن كتب عليهم الزمن أن يتسلقوا على جذوع نظام سياسى لا يؤمنون به، ويختلفون معه اختلاف الليل والنهار، ويطبقون نفس استراتيجية الإخوان التى تقول «فلنركب العربة مع الشيطان حتى نصل إلى الهدف، ثم نحرق العربة والشيطان، أما العربة فهى الديمقراطية الغربية المشركة، والشيطان هو الأحزاب السياسية العلمانية.. أما الخلاف التمثيلى بين «النور» و«الإخوان» فهو من نوع توزيع الأدوار، وفى رابعة والنهضة كان الحشد النورى يضارع الإخوانى، وكان الخطاب السلفى أشد جنوحا من الإخوانى، وكان صراخ شيوخ السلفية على المنصات، أكثر تحريضا وتهييجا واستعداءً.
لن يكون يوما سعيدا، إذا جاءت الانتخابات بالبكليمى وإخوته، فيزايدون بآذان العصر أثناء انعقاد الجلسات، ويرفح أحدهم يافطة لرئيس البرلمان، مكتوبا عليها «عايز أروح الحمام» ويتحفونا بمشروعات القوانين التى تجيز نكاح الصغيرات، وتحريم الربوية إلا فى البنوك المسماة بالإسلامية، وإباحة ترك الزوجة للاغتصاب إذا خاف الزوج على حياته من المغتصبين، وغيرها من إبداعات برهامى واكتشافات بكار، فى وقت تحتاج فيه البلاد إلى ترسيخ معالم الدولة المدنية، ووضع حد للعب بالأديان فى حقل السياسة، وتعظيم الهوية المصرية والانتماء للوطن، والتفاف جميع الألوان والأطياف تحت علم واحد ونشيد واحد.