منذ شهر أعتذر للكثيرين ممن طلبوا منى أن أكتب لهم مقالا فى شىء ولم أكتبه، والغريب أنهم جميعا طلبوا منى الكتابة عن شىء أحبه، كمن طلب منى الكتابة عن عشر شخصيات أثروا فى حياتى كتبت عن ثمانية ورغم أنى أعرف الشخصيتين الأخريين لكنى دخلت فى السهو والنسيان العميق، ورغم أنى كل يوم أذكر نفسى وأقول عيب تخلى بالشاب الجميل الذى طلب منك ذلك، إلا أنى أعود لأنسى إكمالهم لعشرة، وطلب منى صحفى آخر أن أكتب عن مكتبتى ورغم أنه موضوع جميل لم أكتب، أرسل لى يذكرنى أكثر من مرة وفى كل مرة أعده بالكتابة وأدخل فى النسيان العميق، وطلبت منى صحفية كبيرة حوارا فى جريدة كبرى وطلبت منها أن ترسل لى الأسئلة على الإيميل وأرسلتها ولم أكتبه رغم أنها أسئلة مهمة وكل يوم أقول لنفسى سأكتبه وأدخل فى النسيان العميق، وهكذا لم أعد قادرا على الانفراد بنفسى، صحيح عانيت ومازلت من أنفلونزا تستمر عادة معى طويلا دائما منذ عمر مبكر لكن هذا ليس السبب الوحيد فأنا أقرأ وأعرف ما يدور حولى، تداهمنى أفكار كثيرة طيبة وأفكار شريرة بمعنى أنها يمكن أن تواجه الشر، ورغم ذلك أتأخر، داهمتنى رواية جديدة كتبت منها ثلاثة آلاف كلمة ونسيتها، أعرف أن الوقت الذى أقضيه على مواقع الفضاء الافتراضى يسرقنى، أعرف ذلك جيدا، لكن اكتشفت أنى أبحث فيه لا عن القضايا المهمة، ولكن عن النكت المهمة عن القضايا المهمة!
مثل «هو فين الدستور اللى عايزين يغيروه مش لما يلاقوه الأول» أو مثل بعد حادثة الحرم نشر شعر مثل هذا: «لبت نداء الله حين تساقطت بين الحجيج ليرتقوا نحو السماء.
يارب رافعة على الحرم انحنت فى سجدة تسبيحها طهر الدماء» فجاءه الرد النكتة «بعد سقوط الرافعة وارتقاء الموتى إلى الجنة كثير من الحجاج يدخلون فى الإسلام» أو مثل «أحمد عز مموت نفسه على مجلس الشعب مع إن فيه ألف أحمد عز مرشحين للمجلس» أو «مثل بتهزأوا النسوان اللى رقصت للدستور ليه فى الفضائيات، بلاش علشان تلاقوا حد يرقص لما تغيروه» أو مثل «رئيس الوزراة الجديد اعتزل فى حتة مجهولة وقافل على نفسه الباب ولما يفتحوا الباب حيلاقوه ساب مصر»، أو «ليه نعدل حاجة مش بنستعملها؟» أو «آمنت بالله أول ما الرئيس أشار لتعديل الدستور طلّعوا فيه القطط الفاطسة!» أو حديث المتحدث عن وزارة الكهرباء بأن انقطاعها فى الغردقة وسفاجا نتيجة لتغيرات فى الهواء وعواصف بسبب مجلس إدارة العالم والأخيرة هى النكتة على تعليق الرجل، أو «المكسيك بعد مقتل سياحها فى الواحات تقرر إغلاق محطة مترو أنوارو دل ساداتو»، أو «أول ما تتجوز ماتقدرش بعدها تغير قناة التليفزيون».
أندهش من نفسى جدا كيف تركت نفسى لهذا الفضاء الافتراضى الذى رغم النكت يذكرنى بما حولى، وأتذكر صديقى الرائع الذى كلما جاءت سيرة كارثة يقول «ياعم هى جات على دى؟»، لكن أستمر حتى الفجر ربما لأرى دعوة «الله أكبر على كل ظالم» تتصدر التغريدات.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة