إحنا عارفين كل حاجة، مشاكلنا وتفاصيلها، عارفين محتاجين إيه، وما هى مشكلاتنا، ولو سألت أى مواطن فى الشارع عما يجب أن نبدأ ببنائه سيقول لك التعليم، وما هو المجال الأولى بالرعاية؟ سيقول لك الصحة والعلاج. حال التعليم عندنا لا يعجب أحدا وحال العلاج والمستشفيات العامة والخاصة وغيرها لا يعجب عدوا ولا حبيبا، والأكثر إثارة أنه حتى هؤلاء الذين يشاركون فى هذه المنظومة يعترفون بمشكلاتها، لو سألت معلمنا عن حال التعليم فسيعدد لك عيوب التعليم ومشكلاته والمعلم والمناهج ونظام الامتحانات والتلقين والحفظ، والتعليم الخاص ليس أفضل من الحكومى.
ولو سألت طبيبا أو صيدلانيا أو عضو هيئة تمريض فسيعدد لك مشكلات الصحة والمستشفيات والعلاج وتردى الخدمة الصحية، وإذا تحدثنا عن التعليم والصحة فهما مجالان يتعلقان بالاستثمار البشرى، الأول إطلاق الطاقات البشرية، والثانى صيانة وحماية هذه الطاقة البشرية.
وبعد هذا ننطلق إلى أهمية التكنولوجيا والاستثمار وما نريده من مشروعات يمكنها أن تمثل قفزة، ولا يكفى الادعاء بأننا أمة ذات تاريخ، وأن نعيش على الماضى، من الآثار أو البترول والغاز، لكن نحتاج للتعلم من تجارب الأمم التى سبقتنا وتقدمت، عندنا مشكلات فنية وتكنولوجية وبيروقراطية، نعرفها ونحتاج أن نعرف: من أين نبدأ؟
عندما كان الرئيس فى جولته الآسيوية الأخيرة فى سنغافورة بدأ زيارته بمحطة كبرى لتحلية مياه البحر، وتوليد الكهرباء. وأيضا الميناء البحرى بسنغافورة، الذى يعمل بنظام إلكترونى مذهل، أثار اعجاب الرئيس.
سنغافورة عدد سكانها 5 ملايين نسمة، ناتجها القومى حوالى 350 مليار دولار، ولديها ميناء سنغافورة البحرى تعبر فيه حوالى 60 سفينة يوميا ويتم تفريغ حمولة الحاوية وتحميلها، فى 25 ثانية بنظام أوناش مبرمجة إلكترونيا، وعمالة قليلة.
الرئيس السيسى طلب من رئيس ميناء سنغافورة، نقل الخبرات قال: «عاوزين نتعلم ونستفيد من خبراتكم فى إقامة وإدارة الموانئ»، رئيس الميناء فوك سيو واه أعلن موافقته على الحضور.
سنغافورة أيضا واحدة من أكثر الدول تقدما فى العالم فى تحلية مياه البحر، وبجودة عالية، وبتكلفة أرخص من مثيلاتها فى أوروبا وأمريكا. ولديها تكنولوجيا لمعالجة الصرف الصحى لإعادة استخدامه فى الزراعة والشرب، لاحظ أننا دولة نهرية صحيح، لكننا نواجه نقصا فى المياه مع التوسع فى الزراعة وغيرها، ثم إن الصرف الصحى يتحول إلى ثروة حال التعامل معه بالعالم.
سنغافورة أو ماليزيا أو إندونيسيا وطبعا الصين، الهند، حققت قفزات فى التكنولوجيا والتقدم، ونظام صحى ومعيشى أفضل.. وكل منها لديها ما نتعلمه، ونسعى إليه، لنعرف «كيف».. والإجابة غالبا فى التعليم، والبعثات من الشباب المتفوق، وحتى يمكن أن تكون زيارات الرئيس لهذه الدول ذات عائد محترم، والتعليم مش عيب.. العيب فى الاستناد للماضى فقط.