أسدلت النيابة العامة الستار على قضية «صفر مريم»، لكن الأصل فى القضية لم ينته بعد، إسدال الستار يستند إلى تقرير اللجنة الخماسية المكونة من كبار خبراء قسم أبحاث التزييف والتزوير بالطب الشرعى، الذى انتهى إلى أن الخطوط الواردة بأوراق الإجابات بامتحانات الثانوية العامة الخاصة بالطالبتين، مريم ملاك ذكرى ورضوى محمد على أحمد، تتطابق تماما مع خط يد الطالبتين المذكورتين، وبالتالى فلا صحة لما تردد حول استبداد أوراق الإجابات الخاصة بهما بأوراق أخرى.
انتهت القضية فى جانبها القانونى، لكن لم تنته فى جانبها السياسى وهذا ما أقصده بـ«الأصل»، فقبل أيام كتبت فى هذه المساحة أن التشكيك الذى تعرض له تقرير الطب الشرعى الأول، الذى لم تختلف نتائج تقرير اللجنة الخماسية عنه فى شىء، هو تعبير عن فقدان الثقة فى بعض مؤسسات الدولة وما ينتج عنها، وأن تزعزع هذه الثقة من المواطنين هو من الكوارث التى أفرزها نظام مبارك بفساده واستبداده، حيث ساد مناخ المحسوبية والوساطة، وبدلا من أن تكون هذه المؤسسات وجهة عدل بين المواطنين، أصبحت فى نظرهم طرفا لا ينحاز إلى مصالحهم.
قضية «صفر مريم» فى مجملها نموذج تطبيقى واضح لحالة فقدان الثقة التى أتحدث عنها، غير أن المأساة الكبيرة فيها هى، طريقة دفع الرأى العام إليها، ودور الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعى «الفيس بوك» و«تويتر» فى ذلك، حيث عالجت بعض برامج «التوك شو» الموضوع وكأنها تدعو الناس إلى معركة حربية، وكانت النتيجة أننا أصبحنا أمام حالة استقطاب حادة غاب معها التفكير برشد، والاهتداء بالعقل، وأنه طالما مؤسسات الدول هى الطرف المواجه لـ«مريم»، فإنها ضحية فورا، ويوما بعد يوم تحولت إلى «رمز» للمظاليم الذين يدقون أبواب الإنصاف ولا يستمع إليهم أحد، وساهم فى ذلك أحزاب وكتل سياسية ،ومعارضون، ومؤيدون، ووصل الأمر إلى حد أن البعض كتب شعرا، والبعض عرض تعليمها على نفقته الخاصة، وتحدثت بعض وسائل الإعلام عن أن هناك جامعة فى هولندا عرضت تعليمها، وبصرف النظر عن دقة هذا الخبر من عدمه فإنه كان بمثابة صب الزيت على النار.
مريم وبكل أسف ضحية لأطراف استثمرت الموضوع، ولأن هناك فقدان ثقة فى بعض مؤسسات الدولة، كبرت قضيتها دون فرملة لها فى الطريق.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة