فى يومين متتالين سمعت تقديرات بأن الأزمة السورية ليست مطروحة للحل قريبا.
سياسى عربى بارز قال: «الأزمة مستمرة عامين»، وآخر قال: «اللعبة سوف تطول أكثر مما هو متوقع»، والتقديران يستندان إلى عوامل كثيرة، فى مقدمتها أن الأطراف اللاعبة فى الأزمة تتسع التناقضات فيما بينها، وأن الوضع على الأرض السورية هو انعكاس طبيعى لهذه التناقضات.
التقديران يؤكدان أن الأطراف الإقليمية المتداخلة فى الحالة السورية بقوة لا يوجد أى أفق فى تقارب بينهما، فإيران تتحرك على قاعدة أنه لا تفريط فى أى مكتسبات إقليمية حققتها فى السنوات الماضية، وبالتالى لن تتساهل فى مكاسبها فى سوريا ولبنان والعراق واليمن، ولن تقرأ المستقبل بعيون الآخرين الذين يريدون أن يحولوها إلى دولة صغيرة بلا أنياب.
فى المقابل فإن السعودية تصمم على تقليم أظافر إيران، وعدم السماح لها بأن تواصل نفوذها وتمددها، وبين الحالتين تقف إسرائيل متفرجا، وتتعامل بقاعدة أن كل النتائج المترتبة على استمرار الصراع الإيرانى السعودى هو مكسب لها، ويتعاظم المكسب إذا كانت سوريا هى المستهدف، أما القوى الدولية فكل طرف منها يقف وراء القوى التى تعبر عن وجهة نظره فى مسألة الصراع على الأرض، وكلما أجاد طرف فى تحقيق مكاسب على الأرض فسيجد تعزيزا من الطرف الدولى المستفيد، ومن هنا نستطيع أن نفهم، لماذا تترك أمريكا وتركيا وإسرائيل، التنظيمات التكفيرية تنهش فى الجسد السورى بكل هذا الشكل؟ والإجابة أن هذه التنظيمات مازال أمامها مهمة لم تنجزها بعد، فما هى هذه المهمة؟
التقديران يؤكدان أن المسألة الآن لم تعد إسقاط بشار الأسد، وإنما إسقاط الدولة السورية، وبالرغم من أن «داعش» تسيطر على مساحات واسعة من الأراضى السورية، إلا أننا أمام جيش سورى عربى يقاوم ببسالة، وشعب يواجه محنته بشجاعة، وهناك مؤسسات تدير الأمور مع كل الظروف الصعبة، وبالتالى فإننا أمام دولة لم تسقط، وتلك هى المسألة التى لا تريدها إسرائيل، ولا تريدها القوى التكفيرية التى تجد نفسها فى مناخ الفوضى والضعف والترهل.
لو صدقت هذه التقديرات فنحن سنكون أمام مأساة عربية بكل المقاييس لمدة عامين، وستكون الإرادة العربية معطلة، فسوريا حجر الزاوية فى لم الشمل العربى، ومن يعتقد غير ذلك فهو واهم.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة