لماذا الحديث عن تغيير وتجديد الخطاب الدينى (أى الفكر الدينى) الإسلامى فقط ولا نتحدث عن تغيير الفكر الدينى المسيحى أيضا؟ مع العلم أن الدين بالنسبة لمعتنقيه فهو يمثل الحقيقة المطلقة، سواء كان ذلك الدين المسيحى أو الإسلامى أو أى دين آخر سماوى أو وضعى.
كما أن هناك من يخلط بين الدين كنص مقدس وبين الفكر البشرى فى تفسير هذا النص، ولذا يتم الخلط بين المقدس وغير المقدس، ويحول التفسيرات البشرية والاجتهادات الإنسانية إلى جزء من الدينى المقدس وهذا يحدث فى كل الأديان دون استثناء.
هذا فى الوقت الذى يعيش فيه المواطن المصرى المسلم أو المسيحى فى وطن واحد ويجمعهم سلوك وثقافة وعادات وتقاليد واحدة مع التاريخ المشترك.
وإذا كان الإنسان هو كائن اجتماعى يؤثر ويتأثر بالآخر، لذا فتأثير الخطاب الدينى الإسلامى والمسيحى إذا كان سلباً أو إيجاباً سيؤثر على مجمل العلاقات الاجتماعية، وبالتالى سيكون التأثير المباشر والأهم هو سلوك هذا المواطن فى بناء تقدم هذا الوطن أو العكس.
هنا سيقول أحد المتشددين المسيحيين ما علاقة الفكر الدينى المسيحى بالإرهاب؟ هنا سنقول إن التأثير السلبى للفكر الدينى لا يقتصر على التفسير المتشدد والمتطرف للنص، ذلك الذى يولد فكرة الإرهاب باسم الدين فقط، وإن كان الإرهاب له عدة صور منها الأخطر وهو التصفية البشرية للآخر المختلف فى الدين أو حتى المختلف فى الفكر الدينى الواحد.
هناك إرهاب فكرى ومعنوى وسلوكى يخرج الآخر المختلف فكرياً من الدين ويكفره ويحاصره، وإن كان فى الجانب المسيحى بالنشأة والتاريخ والواقع من الصعب يمارس ذلك النوع من الإرهاب بالتصفية الجسدية.
الأهم أن الفكر الدينى غير الصحيح هنا وهناك هو ذلك الفكر الذى يؤسس لرفض الآخر تحت حجة الإيمان المطلق بصحيح الدين.
فهذا الإيمان الذى يحق لصاحب الدين يختلف عن رفضه للآخر كإنسان، فإذا رفضنا دين الآخر لابد أن نقبل الإنسان كإنسان، وهذه هى إرادة الله ومشيئته.
هناك الفكر الدينى السلبى الذى يجرى وراء الأوهام والخزعبلات ويستهويه الفكر الغيبى ويسيطر عليه الفكر الأسطورى فينتج بشراً لا علاقة لهم بالمنهج الصحيح ولا الأسلوب العلمى ولا الفكر الإنسانى الراقى المتطور، والذى يسعى لرقى الإنسان وتقدم الشعوب.
هناك الفكر الدينى الذى يكرس للطاعة العمياء والانصياع لكل ما يُسمع فيحول الدين إلى تلقين متوارث ويشيئ العقيدة فيتجمد الفكر ويخمد العقل وتسيطر السلطة الدينية التى لا تسعى لغير مصلحتها وتثبيت سيطرتها على البشر باسم هذا الفكر الدينى الموروث والمتوارث.
فهل الفكر الدينى الذى يحاول أن يعيش باسم المعجزات ويتمسح بالإيمان فتصبح حياة البشر كلها وكأنها تسير بالمعجزات لا بالقانون الكونى، فالصور ينزل منها الزيت، والرملة تشفى كل الأمراض، وشال القديس قادر على الشفاء، ولا عزاء للعلم والطب والعقل الإنسانى الذى ميز به الله الإنسان، فهل هذا فكر دينى صحيح؟.
هل فى هذا المناخ وبهذا الأسلوب وبذلك الفكر يمكن أن نُعد شخصية متوازنة عاقلة فاهمة تُعمل عقلها وتُشحذ فكرها وتُقدر المنهج العلمى؟ هل بهذا يمكن أن نعد إنسانا له القدرة الفكرية والعقلية على المساهمة فى بناء مصر الجديدة؟ ولذا يجب تغيير الخطاب الدينى الإسلامى والمسيحى ولا إيه؟!
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة