بعد انتخابه رئيسًا للجمهورية بفترة قصيرة، توجه الرئيس عبدالفتاح السيسى لمخاطبة الشعب المصرى بكلمة أسبوعية، أشبه بالتقليد الرئاسى الأمريكى السنوى الذى يلقى فيه الرئيس الأمريكى بخطاب «حالة الدولة» أو «حالة الاتحاد» أمام جلسة مشتركة للكونجرس الأمريكى فى مبنى الكابيتول. وفى هذا الخطاب الذى ينتظره العالم قبل الشعب الأمريكى، يحدد الرئيس الأمريكى السياسات والأولويات الخارجية والداخلية فى المجالات العسكرية والسياسية والاقتصادية، ويوضح موقف واشنطن منها، ويضع تصوراته للمستقبل.
كلمة الرئيس السيسى الأسبوعية للشعب تكررت مرتين، ثم تحولت إلى خطاب شهرى لمرتين فقط أيضًا، وربما لظروف السفر والزيارات الخارجية المهمة إلى روسيا والصين وسنغافورة وإندونيسيا، وقبلها ألمانيا وفرنسا، لم يتكرر خطاب «حالة الأمة الرئاسى» المصرى لتناول القضايا السياسية والاقتصادية الداخلية والخارجية، والموقف الداخلى من بعض المسائل السياسية التى يحدث حولها الجدل. وليس معنى ذلك أن الرئيس لا يتحدث فى مناسبات أخرى، لكنها لا تحدد أولويات الخطاب الشهرى الذى ينتظره الناس للإجابة عن أسئلة عديدة تتعلق بتصريحات للرئيس نفسه أو للحكومة أو التعليق على أحداث طارئة، أو للرد على تساؤلات وشائعات.
خطاب حالة الأمة الشهرى للرئيس السيسى ليس نوعًا من الترف السياسى، بل هو ضرورة ملحة خلال تلك الفترة. وفى رأيى أن الخطابات السابقة كانت لها تأثيرات إيجابية كثيرة، بعد تناول الرئيس قضايا وتحديات المرحلة، والإعلان عن مشاريع جديدة فيها، وجميع استطلاعلات الرأى كانت تشير عقب الخطابات إلى ارتفاع فى شعبية الرئيس، لذلك أدعو الرئيس إلى العودة إليه من جديد، خاصة هذه الأيام، فهناك أسئلة جادة مطروحة تحتاج الإجابة عنها لحسم حالة الجدل، وهواة التسكع والفراغ السياسى، وبث الشائعات، ونشر حالة اليأس من خلال مواقع الفشل الاجتماعى تتوهج كتاباتهم الخربة هذه الأيام لإثبات مشروعية وجود معارضة زائفة حول الدستور، والتغيير الحكومى، وعملية الواحات والسياح المكسيكيين، وسد النهضة.
الوقت يحتاج الآن يا سيادة الرئيس للرد الرئاسى الحاسم على تساؤلات عديدة، مثل قضية تعديل الدستور التى أثارت بعض الغضب، ومسألة تغيير الحكومة ومفاجآت تشكيلها، والوضع الحالى للمشروعات القومية، وقضية المياه وسد النهضة الإثيوبى.. خطاب «حالة الأمة المصرية» ضرورة وسنة سياسية حسنة لتحقيق المصارحة والمكاشفة والشفافية، وتجسير دورب الثقة بين الشعب والرئيس.