القضية العادلة تخسر فى كثير من الأحيان بسبب بعض الذين يطرحونها، وحالة الجدل الدائرة الآن حول تعديل الدستور خير دليل على ذلك.
حين أنجزت لجنة الخمسين الدستور الحالى، عبرت دوائر الرأى العام عن تقديرها وإعجابها بإنجازها الذى جاء على النقيض مما فعلته جماعة الإخوان وقت حكمها بإنجازها دستورا يقسم المصريين، وتم تفصيله على نحو يحافظ على مكتسبات الجماعة أكثر مما يحافظ على مكتسبات الشعب المصرى من ثورتى 25 يناير و 30 يونيو.
كان مشهد التصويت على الدستور مبهجا، وحاز على ثقة 98% من شاركوا فى التصويت، وبلغت نسبة الحضور 38% بزيادة عن التصويت على «دستور الإخوان» بنحو 7%، ومن المهم أن نستحضر حجم هذه المشاركة حين نتحدث عن «تعديل الدستور»، وحجم نشاط النخب السياسية والفكرية والثقافية والفنية فى الترويج للدستورين، حتى نعرف حجم الجريمة التى يرتكبها البعض الآن فى الترويج لتعديل الدستور، وأركز فيها على نقطة يتحدث عنها العديد من «مبشرى التعديل».
مما يقوله هؤلاء، إن الذين صوتوا لصالح الدستور لم يقرأوا مواده، ويتحدى هؤلاء فى هذه المسألة، ومن فرط ثقتهم تشعر أنهم سيجرون اختبارا لمن يقبل تحديهم، ولا يعنيهم من بعيد أن لعبهم بمثل هذه الحجج هو قمة الإساءة لأنفهسم وقمة الإساءة للشعب المصرى، فالناخبون أدلوا بأصواتهم نتيجة تأثرهم بآراء النخب التى تحدثت فى وسائل الإعلام إيجابا أو سلبا، ووثقوا من أن هذه النخب قرأت مواد الدستور وتعى مقاصدها السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
وبمراجعة بسيطة لمعظم المتحمسين الآن لضرورة تعديل الدستور، سنجدهم مما هللوا لنصوصه، وحفزوا الناخبين على الخروج للتصويت له، ومما قالوه إنه دستور ليس فيه روائح إخوانية، وأنه ينقلنا إلى ديمقراطية حقيقية، وأنه أعظم وثيقة دستورية فى تاريخ مصر، فذهب الناخبون للتصويت بنعم ثقة فى كل هؤلاء، وبالطبع فإنه حين تتحدث نفس الوجوه الآن عن اكتشافهم سلبيات فى الدستور، فهذا يعنى أنهم هم الذين استخفوا بالمصريين من قبل بالكذب والتدليس حين قالوا إننا أمام دستور عظيم، ثم يتحدثون الآن عكس ذلك.
نعم لم يقرأ الناخبون مواد الدستور، وليس هذا عيبا، لكن العيب فى أن يتحدث ممن يطالبون بتغييره عن ذلك على سبيل التبرير للتغيير، ويتجاهلون أنهم هم الذين عبأوا الناس من قبل للتصويت لنفس النصوص الموجودة.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة