أخطر ما ورد فى تقرير إدارة مكافحة الفساد بالنيابة الإدارية، الذى أرسلت منه نسخا للرئاسة ومجلس الوزراء، لدراستها واتخاذ الإجراءات اللازمة، يتحدث عن «انتشار التحرش الجنسى والانتهاك الجسدى للطالبات»، ويقول: «إن هذه الظاهرة الإجرامية المقيتة بكل ما فيها من انتهاك للآدمية والإنسانية والأخلاق والأديان، تكون أفدح وأعظم متى وقعت داخل مؤسسات تربوية وتعليمية، تذهب إليها الطالبات أمانة فى أعناق مدرسيهن، فإذا بهن يتعرضن لانتهاك جسدى ونفسى، ممن يفترض به حمايتهن».. وقالت النيابة إنها «حققت فى 61 قضية كشفت عن وقوع تلك الجريمة - التحرش بالطالبات - من بعض المدرسين ضد بعض الطالبات القاصرات فى المدارس الإعدادية، بل والابتدائية أيضًا، بما يدق ناقوس الخطر حول أهمية مكافحة تلك الظاهرة بكل صرامة، خاصة إذا أخذنا فى الاعتبار أن هذا العدد «61 قضية» هو رقم يقل كثيرًا عن الحالات الفعلية لوقوع الجريمة، بسبب الإحجام عن الإبلاغ عن مثل تلك الجرائم لما لها من طبيعة خاصة».
الإصلاح يبدأ من هنا، بإعادة الهيبة والوقار والاحترام للمدرسة، وبتر العناصر الفاسدة من المدرسين منعدمى الأخلاق والضمير، والطلبة الذين يتخذون «بهجت الأباصيرى» وعصابته، قدوة ومثلا أعلى، وياريت نتوقف عن إذاعة مسرحية «مدرسة المشاغبين»، التى جمّلت الشغب وعممت السخرية، من الناظر والمدرس والطلبة وأولياء الأمور، وشاهدنا مؤخرا على مواقع التواصل الاجتماعى، صورة طبق الأصل للأستاذ «عبدالمعطى»، والطلبة يرقصون حوله ويجذبون ملابسه ويضربوه بعصا على قفاه، فضحكنا على المشهد الكوميدى فى المسرحية، وبكينا على الصورة الواقعية فى الفيديو.
ليست مهمة الحكومة ووزير التربية والتعليم فقط، أن يوفرا الكتب والفصول والكراسى، فالأهم الإصلاح الأخلاقى والسلوكى، وإعادة القيم والأصول ومكافحة الغش، فليس معقولا أن يحصل نصف طلاب الثانوية العامة على أكثر من 90%، بسبب تسرب الامتحانات والغش الجماعى، وليس مقبولا أن نكتفى بتحويل المدرس والطالب المتحرش إلى تحقيق إدارى، ولن ينصلح الحال باختيار قيادات تعليمية ونظار ومشرفين، من فاقدى القدرة والكفاءة، فيكونوا وبالا على أنفسهم وعلى الطلبة وعلى نظام التعليم برمته، فيفسد المنتج النهائى، بينما أمجاد الأمم ونهضتها وتقدمها، أساسه التعليم.