إيمان رفعت المحجوب

وصولا لمرحلة الخطر الأكبر

الخميس، 24 سبتمبر 2015 10:22 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
ما أخطر ما يهدد الفكر؟ اللا فكر؟ غير صحيح فعلى عكس شعوب أوروبا المثقفة، أصحاب الفكر العريق ذى المرجعية التاريخية، ذوى معدل الذكاء المرتفع، الذين وصلوا بفكرهم وثقافتهم وتجاربهم ونضالهم إلى عقدٍ اجتماعى اقتصادى وثقافى ضمن لهم ما وصلوا إليه من تفوقٍ وعقدوا به سلاما فى شتى المجالات، فهناك شعوب لا تحمل بداخلها الكثير من الثقافة والفكر ولا يتمتعون كذلك بمعامل ذكاء مرتفع مثل الشعب الصينى واليابانى وأغلب شعوب البشرة الصفراء وأستطيع أن أضم لهم قطاعا غير يسير من الأمريكيين ممن اشتروا النجاح بالالتزام والعمل الجاد واحترام استراتيجيات وضعها المتخصصون والأكثر ذكاء؛ فهؤلاء عندهم اعتراف ضمنى بهذا التصنيف؛ وهو أن ليس كل المواطنين على نفس الدرجة من الذكاء والتخصص وأن وضع الاستراتيجيات يترك للطبقة المتميزة المتخصصة صاحبة العلم والخبرة والتى من الجائز وليس عيبا استيرادها أو استيراد أفكارها وأنه ما على الطبقات الأقل تميزا إلا الالتزام والعمل، ولا خطر من تلك الطبقات المحدودة الثقافة والذكاء، مادام هناك إذعان للطبقة المتميزة وكل يعرف قدر نفسه فى غير تجاوز، لأنه من غير الضرورى أن يكون الكل صاحب فكر ولكن من الضرورى أن يجتمع الكل على أن "يعطى العيش لخبازه"، وقد وصل هؤلاء الشعوب (النمور الصفر) للتفوق فى كثير من المجالات بسياسة الإذعان تلك .

كنت فى مراحل سابقة من عمرى أرى أن أخطر ما يواجه فكرى؛ وأخطر من أن أكون ممن يتبعون "اللافكر"؛ هو أن أعتنق أفكارا خطأ وأنا فى محاولة التكوين الفكرى؛ والتى يتوقف عندها نضج البعض أحيانا؛ ولذلك كنت وأنا أقرأ لكبار المفكرين دائمة المقاومة كى لا أقع أسيرة فكر أحدهم فيتسلط على فلا يكون لى فى النهاية رأيى وفكرى الخاصين بى، وكذلك كنت شديدة الحرص على ما يقرأ أبنائى وكثيرا ما تدخلت فى اختياراتهم ووجهتها فليس كل من يكتب وليس كل ما يقرأ صوابًا والخوف كل الخوف أن يعتنق الإنسان أى فكر يملأ به فراغ عقله البكر على غير أصل ومبدأ فيكون نهايته الضلال مع من ضلوا .

ولأننا شعب مسرف يهوى الإسراف فى كل شىء ولا نملك لنفوسنا ترشيدا فشعارنا من قديم الأزل "أبو بلاش كتر منه" فقد أصبح لكل من هب ودب صفحة ومنبر، لسان وقلم ولا رقيب ولا معيار فيما يقال! وأصبح يقع تحت بصرى يوميا كلام لا أدرى من أين أتى ولماذا و كيف حاز قبول ورضى الآلاف المؤلفة وكأن الحكمة أصبحت تؤخذ من أفواه الصعاليك! وما أكثر صفحات الصعاليك المفتوحة للجمهور وما أكثر التابعين يدس أى صعلوك أو صعلوكة كلامهم التافه الفارغ يملؤون به عقول الإمعات من التابعين وكأنهم شخصيات عامة ذوات حيثيات فى الفكر والعلم! ما هذا الكم من السفه والهرتلات التى تملأ صفحات التواصل الاجتماعى! قد فاقت حد الرعب وتجاوزته إلى الخطر المجتمعى الفعلى! من كل هؤلاء الذين أصبحوا فى غمضة عين " public figures " مفكرين وأصحاب رأى وأساسها ثقافة المقاهى والطرقات يبثون ما يخطر ببال احدهم للمتلقين التابعين! وما أكثر الصفحات والجرائد الإلكترونية التى تبث هذا الهراء لكل من هب ودب !!

فعلا نحن نعيش عصر الفوضى والسفسطة واللا فكر والبطالة واللا عمل! ولا عجب بعد هذا الحال أن نجد ما يقرب من ستة آلاف مرشح لمجلس النواب! وأن يحتار دليلنا، وألا نجد من نوكل إليه مسئولية الوطن !
* أستاذ بطب قصر العينى - جامعة القاهرة








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة