كرم جبر

ماذا حدث فى «منى»؟

السبت، 26 سبتمبر 2015 03:01 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أكرمنى الله برمى الجمرات بعد منتصف ليلة أول أيام العيد، وكان الطريق من منى لجسر الجمرات، هادئا وغير مكتظ،  ويتم الرجم بسهولة بالغة، بسبب توسعة المنطقة ووجود أربعة طوابق، تسمح باستيعاب أعداد كبيرة من الحجيج فى وقت واحد، ولكن المشكلة هى فتاوى التشدد التى لا تجيز الرجم إلا بعد صلاة الشروق أو فى الزوال بعد صلاة الظهر، فيتدفق طوفان من البشر صوب جسر الجمرات فى وقت واحد وتقع الحوادث بنفس السيناريو، لأن معظم الحجيج الذين دفعوا «دم قلبهم» فى نفقات الحج الباهظة، يحرصون على أن تتم الشعائر كما يقول الكتاب، خوفا من فتاوى متشددة أخرى، تعكنن عليهم بضرورة تقديم «فدية» عن كل خطأ حتى لو كان صغيرا.

ورغم ذلك فالتدافع وحده ليس مسؤولا عن حادث منى المروع، ويحتمل حدوث خطأ أدى لتكدس الحجيج بشكل رهيب، وفتح الطرق وغلقها بطريقة أدت إلى وقوع المئات على الأرض، وفوقهم مئات ومئات، حتى تراكمت جثث الضحايا فوق بعضها ثلاث طبقات، وعدم سحب جزء من التدفق فى الشوارع الجانبية، فلقى المئات حتفهم دهسا بالأقدام، ونحتسبهم عن الله شهداء أبرارا، صعدت أرواحهم إلى السماء، وهم بملابس الإحرام، وروت دماؤهم الزكية الأسفلت القاسى، مثل عقول أصحاب الفتاوى، التى حشرتهم فى ممر الموت.

وانتشرت موجات هائلة من الشائعات، خصوصا بشأن أعداد الضحايا، ومن يؤكد أن ألف حاج مصرى على الأقل، لقوا حتفهم، حتى بعد صدور بيان وزير الأوقاف المصرى الذى ذكر أنهم ثمانية فقط، ومن يزعم أن أعداد الضحايا الآخرين تتجاوز الآلاف والآلاف، وأصبحت عملية دخول منى صعبة وشاقة، بسبب غلق الشوارع المؤدية إليها، وإصرار عشرات الآلاف من الحجيج، داخل منى وخارجها على استكمال شعائرهم، وهو ما تطلب جهودا خارقا من الأمن السعودى، لتأمين أمواج البشر المتدفقة صوب منطقة الجمرات، وإخلاء منطقة الحادث من الجثث وآثار الدماء، وفى النهاية فقد تتكرر مثل هذه الحوادث، رغم المشروعات الضخمة للتوسعة وشق الطرق، ما لم يتم تطهير العقول من الأفكار المتشددة، ونشر خطاب دينى صحيح، يحمى المسلمين من أن يلقوا بأنفسهم إلى التهلكة.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة