تواجه جماعة الإخوان المسلمين بالفعل صراعا جيليا طاحنا، بين جيل الشيوخ الذى يمثله محمود عزت الذى سمى كقائم بأعمال المرشد بعد فض رابعة ومحمود حسين الأمين العام للجماعة التى نفى متحدثها محمد منتصر وهو اسم حركى أنه أمين عام للجماعة، ومحمود غزلان الذى كتب مقالا بعنوان «دعوتنا باقية وثورتنا مستمرة»، وفيها ألمح بشكل واضح إلى أن بعض شباب الجماعة بدأ يتجه للعنف، ويترك منهج الجماعة وأن خيارات الثورية التى يتحدث عنها شباب الجماعة ستدفعهم إلى العنف.
وكان شباب الإخوان بالفعل قد سخروا من الشعار الذى أطلقه مرشد الجماعة «سلميتنا أقوى من الرصاص»، ورأوا أن «ما دون القتل فهو سلمية»، كما أن هؤلاء الشباب يتحدثون الآن عن تغيير شامل فى المكاتب الإدارية للجماعة، وهم يحملون القيادات القديمة المسؤولية عن فشل الجماعة فى الحكم وفى معظم القرارات التى اتخذتها بعد ثورة يناير 2011. وتحدث هؤلاء الشباب عن مكتب إدارى جديد منتخب، بينما نفت القيادات القديمة بعد طول صمت من جانبها أن المكتب الإدارى الجديد لم يتم انتخابه، وأنه جرى تعيين بعض الشباب داخله بعد فض رابعة بيد أنهم سيطروا على القرار فيه، ظلت القيادات القديمة صامتة لوقت طويل استمر ربما ما يقرب من عشرين شهرا، حتى ظن الشباب أن الأمور دانت لهم وأن القيادات القديمة سوف تسلم بسهولة.
ظهرت القيادات القديمة تدافع عن مواقعها وفى الصدارة محمود عزت يدعمه محمد عبدالرحمن وإبراهيم منير عضو التنظيم الدولى وممثل الإخوان فى أوروبا، كما أن يوسف ندا يقف إلى جوارهم، وتحدث إبراهيم منير عن أن الشباب الجديد يذكرنا بمجموعة «شباب محمد» التى كان يقودها المحامى محمود أبو زيد فى نهاية الثلاثينيات والتى كانت تريد تعجل المواجهة مع النظام المصرى فى ذلك الوقت، بيد أن مرشد الجماعة الأول حسن البنا تصدى لهم وكتب عنهم باعتبارهم متعجلين يريدون أن يفرضوا على الجماعة خطا لم تقرره بعد.
يمكن أن نقول إن المجموعة التنظيمية التى كانت تسيطر تقليديا على تنظيم الإخوان وتمتلك مفاتيحه فى العلاقات الداخلية والخارجية وتمتلك التمويل، وتمتلك الخبرة التاريخية والعلاقات القوية مع قيادات الجماعة المسجونة الآن شعرت أن مكانتها تتعرض للخطر وأن القيادات الجديدة تريد أن تقصيها ومن ثم فإنها تدافع عن مواقعها ومن هذه الناحية فإن الصراع هو صراع على السلطة وهو سؤالها الرئيسى من يملك ماذا؟. هذا هو الوجه الأول لصراعات الإخوان الحالية. وهذه المجموعة التنظيمية التى دخلت فى صراع مكشوف مع جيل الشباب الجديد فى الجماعة تعتبر نفسها حاملة مفاتيح التغيير بحسب لا يمر أى تغيير إلا من خلالها، وما يتحدث عنه الشباب الجديد فى الجماعة عن الثورية والتغيير الثورى وتحول الجماعة إلى مواجهة مفتوحة مع الدولة المصرية سوف يقود الجماعة إلى مهالك ومخاطر وعاها جيل الكهول والشيوخ، وأن أى مواجهة مفتوحة مع الدولة المصرية فإنها ستعود بالوبال والخسران على الجماعة خاصة أن المواجهة اليوم هى مفتوحة مع المجتمع أيضا.
بهذا المعنى فإن الصراع داخل جماعة الإخوان لا يتخذ فقط منحى حول السلطة ومن يحكم؟ ومن يتخذ القرار؟ وإنما هو متعلق أيضا بطريقة التغيير وأدواتها وكيفية الترتيب لها، ويرى التنظيميون الشيوخ داخل الجماعة أن التغيير وطرائقه وأدواته لا يمكن إقرارها فى الشوارع والميادين بعيدا عن النقاش حولها داخل الجماعة وبناها، فجماعة الإخوان ذات طابع محافظ ولها طرقها الشفهية فى النقاش، وكذا طرقها القائمة على الولاء والثقة ووجوب الطاعة لمن هم فى أدنى التنظيم للقيادة التى يجب أن تحظى بالاحترام وعدم التمرد على ما تقرره، وقرار التغيير يجب أن يتقرر فى قمة الهرم التنظيمى وليس فى أدناه كما يريد هؤلاء الشباب، هنا أحد أوجه الصراع يتصل بطبيعة القرار وسريانه من أدنى إلى أعلى والتزام من أدنى للقرارات التى تقررها المستويات الأعلى، وهذا هو الوجه الثانى لصراعات الإخوان الحالية. وللحديث تتمة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة