بدأنا بالأمس عاما دراسيا جديدا بحكومة جديدة ووزير جديد للتعليم، ومشاكل متراكمة ومزمنة تواجه نظام التعليم فى مصر فى ظل غياب رؤية وإستراتيجية واضحة لإنقاذ العملية التعليمية وتحديد الأهداف المطلوبة منها لخدمة سوق العمل والمشروعات القومية الكبرى التى أعلنتها الدولة.
التعليم فى دول أخرى متقدمة ونامية تم إعداده لخدمة أهداف التنمية والإنفاق عليه حسب خطط ودراسات مسبقة لتحقيق الغرض من نظام التعليم، وليس مجرد وضع مخصصات مالية تذهب هباءً، والمحصلة فى الأخير لا تتجاوز الصفر، فالتعليم الحكومى أصبح لا وجود له ويواجه تغول وانتشار التعليم الخاص الذى تحول إلى تجارة علنية تستنزف موارد الدولة وتزيد من الأعباء المعيشية للأسر المصرية فلدينا حوالى 19 مليون طالب وقرابة 1.5مليون معلم وميزانية ينفق 80% منها على مرتبات وأجور المعلمين ليبقى أقل من 20% لباقى أطراف العملية التعليمية، وينخفض نصيب الطالب المصرى من ميزانية التعليم إلى أقل من 100 دولار، فى حين لو نظرنا إلى دولة الكيان الصهيونى نجد أن نصيب الطالب من الميزانية الحكومية ما يقرب من 3 آلاف دولار سنويا.
هل القضية هى فى زيادة الإنفاق على العملية التعليمية وزيادة الميزانية المخصصة للتعليم إلى الضعف حتى تصل إلى 150 مليار جنيه؟
ليست هذه هى قضية التعليم فقط فى مصر، لأنه بحسبة بسيطة سنكتشف أن إجمالى ما يتم إنفاقه على التعليم حكوميا وشعبيا أكثر من 180 مليار جنيه، ميزانية حكومية وتعليم خاص ودروس خصوصية، لكن القضية فى وضع إستراتيجيات واضحة للمستقبل وبدء تنفيذ خطط سريعة لإنقاذ التعليم المصرى، ولسنا أقل من إدارة الرئيس الأمريكى رونالد ريجان عندما أعلنت فى بداية الثمانينيات أن أمريكا «أمة فى خطر» بعد تقارير أكدت حدوث ضعف فى العملية التعليمية فى المدارس الأمريكية، وتم استدعاء الخبراء والمتخصصين لوضع إستراتيجية الإصلاح التى التزمت - ومازالت - تلتزم بها الإدارات الأمريكية اللاحقة.
نحن نحتاج عملية إنقاذ وليس إصلاح التعليم فى مصر، وإذا كانت هناك إرادة حقيقية لذلك، فواقع الحال يستدعى إطلاق نفير الإنقاذ ودعوة خبراء التعليم فى داخل مصر وخارجها إلى مؤتمر قومى لدراسة أسباب التدهور وتشخيص المرض ووضع روشتة علاج للمدى القصير والطويل، تلتزم بها الحكومات المصرية المتعاقبة.