الصخب والجدل والضجة التى تصاحب فى كل مرة الإعلان عن فيلم سينمائى أو أى عمل فنى يجسد الرسول - ص - أو زوجاته وأصحابه أو باقى الأنبياء والرسل، لا تلبث أن تهدأ وتتلاشى بمجرد بدء عرض الفيلم أو المسلسل التليفزيونى، فالناس، والمسلمون منهم، يجدون أنفسهم أمام عمل فنى راقٍ تتوافر فيه كل مقومات الإبداع والذوق والرقى فى تقديم الشخصية الدينية بما يليق بها وبما يحقق الهدف منها فى تقديم صورة حضارية وإنسانية حقيقية تساهم فى تغيير مفاهيم خاطئة كثيرة عن الدين الإسلامى وعن شخص الرسول الكريم نفسه، خاصة إذا كان عمل فنى ضخم تتوافر له مقومات النجاح وتتم كتابته بمراجعة دقيقة من علماء الدين الإسلامى دون إخلال بعناصر الإبداع السينمائى والتليفزيونى.
الغضب والصخب حدث مع فيلم «الرسالة» للراحل المبدع مصطفى العقاد اعتراضا على ظهور شخصية حمزة عم الرسول والذى جسده الفنان الراحل عبد الله غيث، ومنع الأزهر عرضه، وبعد سنوات من عرضه لم نجد فيه ما يسىء إلى حمزة بل ظهر فى صورة رائعة بتجسيد عبقرى من عبد الله غيث وأحبه الناس وزاده التجسيد تكريما وحبا أكثر لدى الملايين الذين شاهدوه. الحال نفسه تكرر مع مسلسل «الصديق يوسف» ومسلسل «عمر»، فقد خرج علينا من يهاجم تلك الأعمال ويجرمها ويحرمها دون مبررات منطقية تتوافق مع العقل والتفكير العلمى الذى حث عليه الدين الإسلامى، ومع عرض تلك الأعمال حققت نجاحا باهرا.
الآن نعيش على وقع نفس الضجيج مع إعلان إيران عرض فيلم عن النبى محمد للمخرج العالمى مجيد مجيدى وهو إنتاج فنى ضخم يستعرض حياة الرسول فى مرحلة ما قبل نزول الوحى والهدف منه تقديم شخصية الرسول بالشكل المناسب للعالم بعيدا عن الصورة المشوهة فى العقل الغربى وبعيدا عن مفاهيم العنف والإرهاب والتطرف .
وأتوجه ببعض الأسئلة للمعترضين على تجسيد الرسول- ص - فى عمل فنى محترم، ماذا لوكانت وسائل وأدوات التصوير الفنى بكل أشكاله قد ظهرت فى عصر الرسول، هل كان رسولنا الكريم يرفض استخدامها وهو الذى واكب المتاح فى عصره وتعرف خلال سفرياته ورحلاته خارج الجزيرة إلى أرض الشام على حضارات غربية، هل كان الرسول يرفض التصوير والرسم والفن عموما وهو من استعان بالشعر ولم يحرم الغناء فى بيته. نرجوكم قبل الغضب والرفض تمهلوا وتعقلوا واعلموا أننا فى حاجة لكل وسائل العصر لتقديم الصورة الحضارية والإنسانية اللائقة بالإسلام.