تنظيم داعش والتنظيمات الإرهابية بحاجة إلى دراسة جنائية ونفسية، ربما أكثر من اعتبارها حركات دينية أو عقائدية. نحن بحاجة لمعرفة اللحظة التى يقرر فيها الشاب أن العالم كله كافر وأنه وحده ومعه زملاؤه فقط من سيدخلون الجنة، وأن ما يؤمنون به من خزعبلات هو فقط الصحيح.
ربما كانت الدول التى يظهر من بين أبنائها الإرهابيين، بحاجة لبحث العوامل التى تقف وراء انتقال هؤلاء من ناس عاديين إلى قتلة، يظنون أنهم إذا ماتوا سوف يدخلون الجنة.
الشاب السعودى سعد العنزى وشقيقه قتلا بن عمهما بعد تقييده، وتصويره وهو يستغيث. فهو شاب تربى معهما وعاش فى بيتهما. يفترض أنه يتفق معهما فى العقيدة وصلة الرحم. من السعودية والخليج أيضا خرج العديد من كبار الإرهابيين أو من انضموا لداعش وقاتلوا فى سوريا والعراق، بل منهم من فجر نفسه فى مواطنيه بالمملكة. أو فى الكويت، بزعم أنه يناضل من أجل نصرة الإسلام، وهو يقتل مسلمين، يرى أنهم يختلفون معه فى المذهب، بينما سعد يقتل ابن عمه، وهو معه فى الدين والمذهب والرحم. والشاب عاطل، لكنه ليس فقيرا ويرفض العمل، ومن أسرة مستورة ماليا واجتماعيا.
آلاف الشباب يسافرون من بلدانهم العربية أو الأوروبية لينضموا إلى كتائب القتل والسبى والتفجير، ويتباهون بذبح مخالفيهم، وهؤلاء ليسوا شبابا جهلة أو أميين، بل إن بعضهم تعلم بشكل راق وعاش فى أوروبا بين أسر طبيعية وفى مجتمعات ديمقراطية.
داعش والنصرة يكفران بعضهما، لدينا فى مصر من سافر وانضم إلى داعش، ومن يقتل ويفجر نفسه وغيره ضمن جماعات بيت المقدس وغيرها. وهؤلاء مجرد أدوات تم شحنها بأفكار تخاصم العقل والمنطق والدين والمعتقدات.
خلال عقود كانت هناك جماعات ومن يزعمون أنهم دعاة يكفرون غيرهم وكل من يختلف معهم. ونرى عشرات ممن يقومون بدور الدعاة، ومنهم مشهورون فى كل قطر عربى، ومسلم، أسهموا طوال سنوات فى نشر أفكار التكفير، وسمموا العقول بفتاوى وأفكار تكفر كل من يختلف معها. وتنشر السواد والإحباط وتشجع على التكفير، وهؤلاء موجودون ولهم منابر إعلامية.
دول كثيرة مولت هؤلاء الإرهابيين، بزعم مساندة الثورة والتغيير، وهى دول تفتقر إلى أى درجات الديمقراطية والحريات، كانت النتيجة أنهم صنعوا قتلة مبرمجين جاهزين للقتل، ومن دون قدرة على التحكم فيها، وأصبحوا يفاجئون بالإرهاب ينفجر فى وجوههم.
على هؤلاء الذين يفاجئهم ظهور الإرهابيين من بين صفوفهم، أن يبحثوا عن الإرهاب بين طيات ملابسهم، وفى وجوه دعاتهم الذين مازالوا يفخخون أبناءهم.