مرة أخرى.. يقلق السيد باراك حسين أوباما حاليا بشأن 3 أمور: عائلته، وكلبته سانى وسيرته الذاتية، والأخيرة هى التى دفعت الرئيس الأضعف فى تاريخ أمريكا ليلقى خطابه الأقوى أمام جمعية الأمم المتحدة يحذر من المساس بمصالح بلاده وحلفائها ويصف بشار الأسد بـ«الطاغية» ويتوعد داعش.. للأسف، فى كل مرة يتحدث فيها أوباما بقوة، نعرف أنه فى لحظة ضعف حقيقية، وإدارته على وشك تقديم المزيد من التنازلات فى موقفها العنيد تجاه قضية ما، وإلا لما كان ليضطر إلى قرع كأس من الويسكى مع بوتين الذى قال أمام نفس الجمع الذى خطب فيه أوباما: «عدم التعاون مع نظام الأسد فى سوريا يعد خطئا جسيما»، وبدا أن القيصر يصفع الحالم صاحب نوبل مرة أخرى: «تدخلكم فى الشرق الأوسط دمر أنماط الحياة هناك».
مثل جده الأكبر بطرس الأول مؤسس عصر القياصرة، يسعى القيصر الجديد بخلفيته المخابراتية الصارمة وملامحه القاسية لكى يعوض ما فقده أسلافه بعد انتهاء الحرب الباردة، من جورباتشوف الغارق فى المثالية إلى يلتسن قليل الإفاقة من السكر، هذه المرة وجد بوتين هدفا سهلا فى أوباما المسالم، بينما الطعم كان سوريا الأسد بتعقيداتها الإقليمية.. الظاهر للعيان أن الإدارة الأمريكية تلعب لعبتها القديمة، قف فى المنطقة الرمادية قليلا واترك حلفاءك الأوروبيين يتحدثوا عن حل سياسى «ربما» يكون بشار الأسد جزءا منه، أين سمعنا هذا الكلام من قبل؟.. من فضلكم راجعوا بيانات الكرملين السابقة.
تتخذ الأزمة السورية مسارا مختلفا، يبدو فيه العرب الأقل تأثيرا، رغم أنهم أكثر من دفعوا ثمن الأزمة مقدما، فمنذ أتى الربيع العربى يختال ضاحكا، كان السؤال الأهم: ما الجهة التى سيرحل إليها الأسد، إيران أم روسيا أم جنوب لبنان؟ للأسف رحلت سوريا ومعها العراق وليبيا ثم اليمن وبقى بشار يلهو بالبراميل المتفجرة.. الآن روسيا تفرض رؤيتها لإنهاء الصراع فى سوريا وتعزز وجودها على الأرض شمالا فى طرطوس وغربا على ضفاف النهر فى الجادة الراقية من نيويورك، وفلاديمير يتبادل النخب مع أمريكا والغرب مجتمعين، لا ينقصه إلا أن يترنح ويلقى عليهم ما قاله راسبوتين لجده الأكبر: «إنك أنت القيصر، والد هذا الشعب، لا تدع المجانين ينتصروا ويدمروك».