وحاولنا الحديث مع أهالى المفقودين فى مياه البحر بالمياه الإقليمية الليبية فلم يسمح لنا إلا القليل منهم الذين تحدثوا على استحياء لا يعرفون ماذا يقولون وهم فى ذهول مما حدث غير مصدقين بأن الصيادين غرقوا فى مياه البحر وفى نفس الوقت يحاولون تكذيب هذه الأخبار على أمل خروج أحد منهم غير الأربعة ولكن تمر الثوانى تلو الأخرى والدقائق تلو الدقائق والساعات تتبعها ساعات وكلما مر الوقت تأكدوا أن أملهم فى بقاء أبنائهم على قيد الحياة سراب، وكلما مرت الدقائق تعرض أب مكلوم وأم ثكلى لنوبات إغماء وحالات هذيان لا تنقطع من حين لآخر بينهما صياح الأطفال وبكاءهم وهم لا يدركون ماحدث لآبائهم من الصيادين أو إخوانهم ولكن كل ما تسمعه داخل تلك المنازل التى يخشى أهالى القرية أنفسهم الاقتراب منها أصوات وصراخ وكلمات تدمى القلوب على شباب راحوا ضحية أمواج عاتية وبحر غدار لا أمان لهم وهم أناس لا حول لهم ولا قوة خرجوا للبحث عن رزقهم وقوت يومهم يوفرونها لأبنائهم وآبائهم فى قرية لا تعرف مهنة إلا الصيد وجارت عليهم الدولة بعدم رعايتهم وتركتهم يلقون مصائرهم المجهولة كراكب البحر لا يعرف أيعود من رحلته أم يكون لحماً صائغاً للأسماك والحيتان.
أول الضحايا أحمد عبد القادر درويش 32سنة متزوج ولديه ثلاثة أطفال محمد 8 سنوات وعبد الله 4 سنوات وعلى 3 سنوات، والده مسن ويعانى من عدد من الأمراض وغير قادر على العمل وله شقيق يسمى على والأخ الأصغر توفى فى حادث سيارة وكان والده يعتمد عليه فى توفير لقمة العيش له ولوالدته وأولاده.
وتعانى زوجته من غيبوبة منذ سماعها خبر غرق زوجها وهى فى حالة هستيرية وتتلفظ بكلمات غير مفهومة أحيانا وأحياناً أخرى تذكر زوجها بكلمات تعبر عن الأسى والحزن وكلما سمعها أحد من الزائرين والمواسين لا يستطيعون الصمت وتتعالى أصوات الباكين.
كما خيم الحزن على أسرة الشقيقين شعبان مصطفى درويش 25سنة متزوج ولديه طفلان ومحمد مصطفى شعبان دوريش لديه طفل مولود منذ شهر فقط وابن عمهما مصطفى شعبان درويش أعزب ووالد الشقيقين رجل مًسن لايقوى على العمل صامت شاحب الوجه لا يكرر إلا كلمات واحدة " لا إله إلا الله محمداً رسول الله لا راد لقضائك ولا معقب لحكمك يا رب العالمين أين أنت يا محمد ؟أين أنت يا شعبان ؟ الحمد لله .
أما أحمد شحاتة لتكاوى 30 سنة متزوج وله أربع أولاد تجد الحزن يخيم على منزله وزوجته انتابها حالات هيستيرية وإغماءات متكررة حالها حال والده الذى لم ظهر عليه الإعياء والحزن.
ووجدنا أسرة منكوبة هى أسرة الصياد أحمد وحيد مصطفى الأكاوى أعزب، الوحيد لأبويه ولديه شقيقات كان شقيقهم هو ملاذهم فى كل كبيرة وصغيرة يعتمدون عليه فى كل شىء وفجأة لم يجدوا ذلك السند الذى طالما احتموا به من غدر الزمن فمن يحميهم من بعده إلا رحمة من الله كل ما تراه منهم وجوها شاحبة لا تستطيع الكلام ولا يجرأ أحد من أهالى القرية أن يقول لهم كلمة مواساة وكأن الكلمة فى حد ذاتها نيران ستشعل ما بداخلهم .
ومن بين المفقودين حسنين محمد جادو 45سنة متزوج وله ثلاثة أطفال ولديه أخ يسمى محمد 40سنة ووالديه متوفيان ونادر العبد شعبان متزوج وله طفلان ولديه شقيقان حمادة شعبان وأحمد شعبان ووالده مسن لايقدر على العمل ومحمود محمد داود 36سنة متزوج وله ثلاثة أطفال لم تقو زوجته على الكلام وصراخ أولاده لا ينقطع أما أسرة الصياد حسن مرسى الشهبة المكونة من زوجته وطفلين صغيرين لا يجدون من يحنو عليهم إلا كلمات المواساة من بعض أهالى القرية أما أكبر المفقودين سنًا محمد البرنس الصباغ 50 سنة متزوج وله أربعة أبناء لا عائل لهم إلا هو، جلسوا فى أحد جوانب المنزل لا يقوون على الكلام نظراتهم تبدو عليها اليتم الذى لم يكن يتخيلوه يوما بهذه الطريقة.
وأكد سعيد محمد على "من أهالى القرية" أن هناك اختلافا على عدد الصيادين الذين غرقوا ولكن من المؤكد من خلال مكالمة هاتفية مع أحد الناجين أنهم غرقوا ولكن كم عدد الغرقى فهناك من يقول 26 صيادا وآخر يقول 15 صيادا فقط وهناك من يؤكد أنهم 32 صيادا لأن الغرقى ليسوا من قرية برج مغيزل فقط بل من القرى المجاورة ومنهم من الإسكندرية.
قال غالى شحاتة "قريب أحد الضحايا" وعضو مركز وطن لحقوق الإنسان أن 36 صيادا من القرية والقرى المجاورة كانوا برحلات صيد على مركبين بالبحر المتوسط بمنطقة"الخمس" بليبيا و فوجئوا بأمواج عاتية وعواصف شديدة وابتلع الإعصار المركبين وغرق الصيادين وكانوا برحلة صيد منذ حوالى 20يوما ولم ينج منهم أحد سوى 4 فقط إلا أنهم أصيبوا بحالة إغماء وتم نقلهم للمستشفى وبعد إفاقتهم تم إيداعهم السجن بالخمس, واتصل بنا "رجب حسن العوام", وبزوجته من 3 أيام فقط وقال لها: إن شقيقها "أحمد عبدالقادر درويش", لقى حتفه فى هذا الإعصار غرقا ضمن 32 آخرين, وأنه شاهدهم بنفسه وهم يقاومون الإعصار إلا أنه كان شديدا والتهمهم جميعا.
وأضاف بأن الناجين الأربعة هم "رجب حسن العوام وحسن حسن البدوى وإبراهيم مصطفى الإدكاوى و آخر من أبوقير بالإسكندرية " أما الصيادين الـ32 الذين لقوا حتفهم ومن بين المفقودين "أحمد عبدالقادر درويش وشعبان مصطفى درويش ومصطفى شعبان درويش ومحمد مصطفى درويش و أحمد شحاتة الإدكاوى وأحمد وحيد مصطفى الإدكاوى وحسنين محمد جادو و محمود محمد داوود و نادر السعيد شعبان وحسن مرسى الشهيبى والبرنس البرنس الصباغ " وجميعهم من قرية برج مغيزل وأهاليهم لايعلمون شيئا ونخفى الخبر عنهم خشية تحويل القريه لمأتم مفتوح.
وقال إن شقيقته زوجة أحد المتوفيين "أحمد عبدالقادر درويش" فى غيبوبة هى ووالدته ولاتأكل أو تشرب وتم تركيب المحاليل لها بعد أن علمت بخبر زوجها.
وأضاف مصطفى صابر درويش، أنه رجل مسن بعد وكان يعمل بمهنة الصيد، ومصاب بمرض الكبد ويطالب المسئولين بإبلاغه الحقيقة لأنه شعر بأن ولديه وابن شقيقه فى خطر، خاصة بعد أن رأى أهالى القرية عدم التحدث معه بشأنهم.
وأضاف حمادة السعيد شعبان, شقيق "نادر" متزوج من 4سنوات ولديه 3أطفال وضمن من تعرضوا للإعصار الليبى فى البحر المتوسط ولا نعرف عنه شيئا حتى الآن .
وقال أحمد نصار, نقيب الصيادين بكفرالشيخ، إن جميع حالات الصيادين المنكوبين" لا يجد ذويهم قوت يومهم لأنهم كانوا عائليهم الوحيدين, ونحاول إخفاء الخبر عن ذويهم حتى لاتتحول القرية لمأتم مفتوح لأن الكارثة كبيرة جدا.
وطالب نصار بتدخل الرئيس عبدالفتاح السيسى للإفراج عن الصيادين الأربعة الناجين الموجودين حاليا بسجن الخمس بليبيا .
وأضاف أن بعض أهالى القرية يتناولون قصصا كثيرة ومختلفة عن الحادث إلا أن الواقع يؤكد تعرض 32 من أبناء القرية للموت فى إعصار شديد للبحر قبالة سواحل ليبيا, كما طالب نصار بالنظر لتلك الأسر المنكوبة وصرف إعانات فورية لهم, كما يطالب باستخراج شهادات وفيات لهم لصرف حقوقهم.
موضوعات متعلقة..
تفاصيل غرق 32 صيادا مصريا من برج مغيزل على سواحل ليبيا.. نقيب الصيادين: فوجئوا بهياج البحر وابتلعهم إعصار.. ويؤكد: نجاة 4 منهم فقط.. ومطالب بصرف تعويضات لأسر الضحايا
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة