بالأرقام يصل عدد المساجد والزوايا المعروفة فى مصر نحو الـ106 آلاف فى كل محافظات مصر، منها حسب كلام وزير الأوقاف أكثر من 80 ألف مسجد جامع، أى أنه فى المتوسط لكل 1100 مواطن فى مصر مسجد جامع، وإذا استبعدنا صغار السن والأقباط فقد يصبح الرقم مسجدا جامعا لكل 800 مواطن، وقد يصل إلى أقل من ذلك بكثير إذا أضفنا الزوايا والمساجد الصغيرة، وهو ما يعنى أننا كما قال وزير الأوقاف نفسه لسنا فى حاجة إلى مزيد من المساجد، بينما على العكس تمامًا نواجه عجزا فى المستشفيات والأسرة العلاجية، والتى وصل العجز فيها إلى أرقام كبيرة فلكل ألف مواطن مصرى فى المتوسط سريران فقط مقابل أربعة أسرة علاجية فى نيجيريا وستة فى جنوب أفريقيا، وفى غرف العمليات وحضانات المبتسرين والعناية المركزة يصل العجز إلى حدود تقترب من 50 فى المائة، أيضا نواجه عجزا فى المدارس تسبب فى أن وصل متوسط كثافة الفصل فى بعض المحافظات إلى حدود السبعين طالبا، وكل هذا العجز الذى يمس اثنين من أهم الحقوق الأساسية للإنسان، العلاج والتعليم، لا يمكن أن تتحمله ميزانية الدولة وحدها، لأنها مهما فعلت فلن تستطيع الوفاء بما هو مطلوب، وكى تحقق مستوى الرضاء العام فى ملف مثل الصحة تحتاج الحكومة أن ترفع موازنتها إلى 90 مليارًا على الأقل سنويا.
ومثلها على الأقل للتعليم، وهذا يمكن اعتباره فى حكم المستحيل، والحل فى وجهة نظرى أن تزيد الإسهامات الفردية وأن نغير تفكيرنا فى فعل الخير ونعلم أن علاج مريض فى ظل الظروف الحالية للبلد أهم من المساهمة فى بناء مسجد، وتوفير سرير علاجى أو بناء غرفة عمليات أو إقامة فصل دراسى يعادل فى ثوابه كصدقة جارية بناء مسجد أو زاوية، لأن من سيفعل ذلك سيحيي نفسا أو يعلم مواطنا بما ينير أمة، أظن أننا نحتاج من دار الإفتاء بكل قاماتها الدينية أن تدرس هذا الأمر لتحسمه، وتقدم ما يشجع المواطنين المقتدرين على تغيير مسار فلوس الخير، التى يدفعونها بسخاء إلى ما يخدم المجتمع، وتطمئنهم أن قصور الجنة ليست فقط لمن يبنى مسجدا، وإنما أيضًا يمكن أن ينالها من أقام مستشفى أو بنى مدرسة، لو حدث هذا فسوف يضاف إلى قطاعى الصحة والتعليم موارد حقيقية تعينهما على أداء ما هو مطلوب ومخطط لهما، وبعيدا عن أى استغلال سياسى، فالمليون جنيه، التى تستخدم فى بناء مسجد أو حتى كنيسة يمكن أن تعالج عشرات الحالات من الغلابة الذين لا يجدون ثمن علاجهم وبسبب ظروف المستشفيات يضطرون لانتظار دورهم بالشهور لدخول المستشفى أو إجراء عملية جراحية خطيرة، وفى معهد القلب والمعهد القومى للسرطان ومعاهد ومراكز جامعة المنصورة طوابير انتظار تكفى من يطالعها ليعرف حجم المأساة، التى نعانى منها بسبب نقص موازنة وإمكانيات القطاع الصحى العام فى مصر.
لى ملاحظة أخيرة.. وهى أننى أتحدث هنا عن أهل الخير وليس عن فئات أخرى تضيع أموالها فى الهلس والتوافه والملذات الشخصية وتترك الغلابة يعانون، فهؤلاء لهم طرق أخرى لا مجال للحديث عنها الآن.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة