محمد طه العيسوى يكتب: خدمة المواطن أولا

السبت، 05 سبتمبر 2015 02:00 م
محمد طه العيسوى يكتب: خدمة المواطن أولا علم مصر

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
فى كل دول العالم المتقدمة يكمن بداخل أصغر عامل وصولاً إلى أكبر مسئول مبدأ هام وهو خدمة المواطن أولاً، ويكمن أيضا أن كل ما يكتسبه مادياً كان أو معنوياً هو أيضا مقابل الجهد والتعب والمؤدى أخيرا إلى الخدمة المقدمة للمواطن، فهو يملك اليقين بأن خدمته للشخص هى سبب رئيسى لوجوده داخل هذه المكان ولا بديل عن ذلك، فما اذكره داخل تلك الدول هو المبدأ الراسخ بعقل كل شخص عامل يتمتع بالعقلانية، فالحكمة دائماً تقول بأن الأجر يكون مقابل الجهد والكفاءة والخدمة المقدمة، وهذه الحكمة أصبحت سبباً أصيلاً فى رقى ونهضة تلك المجتمعات، وتكون هدفاً تسعى إليه المجتمعات الطامحة فى التقدم والعلو.

ومصر فى عقودها الأخيرة لم يحالفها بكل أسف نصيب المجتمعات الراقية المتقدمة ولا حتى الطموحة لهذا التقدم فخطواتها فى السابق دليل على ما أقول، فمن منا يُنكر بأن مصر فى حاجة إلى التغيير والكثير من التخطيط والعمل، والمزيد من الإصلاح لكل أركان هذه الدولة المتهالكة، ووجهة نظرى أن أولى الخطوات للتغيير هى الإصلاحات التشريعية كعملية تنظيمية تساعد التغيير فى اتخاذ مساره وتصبح أساساً لعملية الإصلاح المنتظرة.

فى خلال 3 سنوات تقريباً كان لى النصيب كأحد الشباب الذى حالفهم الحظ فى المشاركة والحصول على العديد من الدورات والتدريبات الخاصة بنظُم الإدارة المحلية فى مصر، بالعديد من مؤسسات المجتمع المدنى، وبالتالى تعرفنا على القوانين واللوائح التى تربط هذه العملية وتعرفنا على المساوىء والعيوب وتوصلنا بأن أعظم الفساد كان ومازال فى المحليات، وتوصلنا أيضاً بان هيكل الإدارة المحلية للدولة يعانى من ظاهرتى "التضخم والشيخوخة للجهاز الإدارى للدولة" والتى تعنى زيادة أعداد الموظفين وكبار السن وعدم تجديد الفكر للقيادات بالتوازى مع تدنى الخدمة المقدمة للمواطن بالرغم من أن 99% من تقارير تقييم الآداء السنوية للموظفين المدنيين فى الدولة تكون بدرجة (ممتـــاز)، ففى هذه الحالة من التناقض التام بين الآداء والخدمة المقدمة تكون قد وصلت المشكلة إلى ذروتها، فالجهاز الإدارى لا يوجد له حلاً سوى "التفجيـــر" أى بمعنى الإحلال والتجديد لكم الفساد المترعرع فى معظم أركانه فأى مسئول يُلوح إلى التغيير وأساس تلك المنظومة قائماً فهذه ثرثرة بلا جدوى ولانفع، فالحقيقة تقول إنه لا حل ولا أمل فى تلك المنظومة الفاشلة الفاسدة إلا أن تختفى والى الأبد، والعمل جدياً على بناء نظام جديد يمتلك أسسا ونظما عالمية مقتبسة تقوم بعملية هيكلة جديدة وحديثة للجهاز الإدراى، وكانت نظرتنا أيضا بأن أول خطوة فى طريق الإصلاح والهيكلة يجب أن تكون تشريعية كما ذكرت، وذلك بإلغاء القانون الخاص بتنظيم عمل الموظفين المدنيين فى الدولة المسمى بـ (قانون 47 لسنة 1978)، وقانون الإدارة المحلية الحالى وهو (قانون 43 لسنة 1979) والعمل على وجود تشريعات وقوانين جديدة تصاحبها قرارات، تعمل على معالجة عمق المشكلة، واتفقنا جميعاً بأن يكون هذا هو الشرط الوحيد لفكرة التحدث عن التوجه لإصلاح جاد، فبعض الإحصائيات تذكر بأن فى مصر الموظف الواحد يقدم خدماته لكل 13 مواطنًا بينما المعيار العالمى هو موظف لكل 50 مواطنًا، فمشكلة تضخم وشيخوخة الجهاز الإدارى بالدولة واكتظاظه بالموظفين لا تقتصر على السن والإعداد فقط. وإنما تشمل أيضا شيخوخة الفكر والرؤية الحاكمة له وعدم تناسبها مع العصر الحالى وزيادة أعداد الموظفين بشكل جنونى.

وعندما خرج قانون (18 لسنة 2015 المسمى بقانون الخدمة المدنية) البديل لقانون (47 لسنة 1978) سعدنا فقط لفكرة أن الحكومة أدركت بالفعل مكان المشكلة وبدأت التوجه والإسراع إلى حلها، وكنا نحن أولى الناس المبشرين لهذا القانون قبل صدورة أثناء مناقشته بعام تقريباً من استاذى المُبجل (الاستاذ الدكتور صالح الشيخ استاذ الإدارة المحلية بجامعة القاهرة)، والذى ساهم فى كتابته وتجميع أفكاره قبل أن يخرج إلى النور، وبعد قراءة ممعنة وإذا أتفاجأ بتعطيل للعمل وتظاهرات وتهديد بالإضراب من بعض الموظفين اعتراضاً على صدور القانون الذين يرون من وجهة نظرهم بأنه ظالم ولا يُمثل عدلاً.. ومع كامل احترامى لحرية الرأى والتعبير إلا أنى توقفت للحظات للتفكير.. !
- أى عدلاً الذى يقول بأن رواتب الموظفين ترتفع فى الفترة من 2011- 2015 من 70 مليار جنيها إلى 218 مليار جنيها بموازنة الدولة دون أدنى تغيير فى كفاءة الجهاز الإدارى.. ؟!
- أى عدلاً الذى يراه الموظف وهو يرى بأن زملائه فى نفس الدرجة فى بمصالح أخرى يتقاضون أضعافاً مضاعفةً لراتبه بحجة الحوافز وبدلات الإثابة وخلافه.. ؟!
- أى عدلاً يراه الموظف فى أن يتساوى الجميع فى تقارير نهاية العام بتقدير "امتياز"..؟!
- أى عدلاً يراه الموظف فى أن تكون الأقدمية هى الأساس للترقيات بالعمل وفقط، دون النظر لأى اعتبارات أخرى..؟!
- أى عدلا يراه الموظف فى المحسوبية والوساطة فى التعيين وخلافه..؟!
- أى عدلاً ومنطق يراه الموظف فى أن أجرة المتغير من حوافز ومكافآت تكون أعلى قيمة من أجرة الثابت الذى يتقاضاه أخر كل شهر..؟!
- أى عدلاً يراه الموظف فى أن ترقياته من درجة لأخرى تتراوح من 5-7 سنــوات..!؟
أى عدلاً وأى عدلاً وأى عدلاً.. !
فالحقيقة أن معظم اعتراضاتهم مالية فقط، ولا احد يفكر ماذا يقدم وماذا يعمل، وماهو مستوى الخدمة المقدمة؟، وكأن الدولة لا يوجد بها غير الـ 6 مليون موظف فقط.. !
، ولا وجود لعامل بسيط ولا ارزقى ولا تاجر ولا عشوائيات تحتاج للتطوير و..... الخ
وعلى سبيل الذكر وخلال المتابعة اذكر مثال اعتراض موظفى هيئة النقل العام على قانون الخدمة المدنية مع أن القانون لا يُطبق عليهم.. !، وعندما تحدثت مع بعض زملائى الموظفين والمعترضين على القانون توجهت لهم بالسؤال هل قرأتم القانون فكانت الإجابة بـ "لا" أو الصمت..!
هل هذا يعود للجهل أم التسرع أم موروث بعدم الثقة فى الحكومات.. فقرارى حينها بأنه أيا كان السبب فهم محقون فالماضى مسئولاً عن كل ما سبق، فالماضى أتى بالمرض والجهل والأمية وضمور العقول.. فالجميع كان مظلوماً والجميع كان يعانى ومازال
وفى نهاية مقالى أتمنى منكم قراءة القانون وأريد الاعتراض قبل التأييد له ولكن أتمنى أن يكون اعتراضا مقننا بوجود البديل، وبدون الدخول فى تفاصيل القانون الجديد:-

- فـ يكفينى قولا إنه يعطى الحق للموظف فى الخروج على المعاش بعد سن الخمسين بإضافة 5 سنوات إلى معاشه وبدرجة أعلى.

- يكفينى قولاً وجوب وجود لجنة دائمة للموارد البشرية والتى تكون إحدى مهماتها توفير ما يحتاجه الموظف من تعليم وتدريب بهدف التطوير من أدائه وأداء المصلحة.

- ويكفينى قولاً أن القانون الجديد يكون فيه نظام التعيين مركزى واليكترونى فهو يحد بشكل كبير من الوساطة والمحسوبية فى التعيينات الحكومية.

- ويكفينى قولاً أن نظام التقييم فى القانون الجديد يكون 360 درجة وهو نظام تقييم عالمى يتبادل فيه كل الأطراف داخل العمل فى المصلحة التقييم وصولا إلى المواطن الذى يقيم أخيرا درجة رضاه عن تقديم الخدمة إليه.
- ويكفينى قولاً بأن اذكر أن القانون الجديد يجعل المنظومة الجديدة للأجر تتضمن عنصرين فقط وهما الأجر الوظيفى (الثابت سابقاً) ويمثل القيمة الأعلى بنسبة 75%، والأجر المتغير وهو ما يضم المكافآت والحوافز وخلافة وهو صاحب القيمة الأقل وليس العكس كما فى القانون السابق.

- ويكفينى قولاً أن الأقدمية لم تصبح هى المعيار الوحيد للترقيات بينما يوجد للكفاءة والإنتاجية أساس فى ذلك، وهذا يعد إفادة للشباب ومستقبلهم الوظيفى.

- ويكفينى قولا بأن تقييم الأداء للموظف بدرجة "ضعيف" لمدة سنتين لا ينهى خدمته كما فى قانون 47 وكما يشيعون ولكن يكون النقل أو الندب مصيره وذلك لرفع مستوى أدائه لا إحالته للمعاش أو التقاعد.

- أسباب ومواد كثيرة تجعلنى احد المُبشرين بهذا القانون ولمساته القوية فى عملية الإصلاح الإدارى للدولة، وأسباب اكبر ستجعلنى احد المؤيدين له وبقوة فى حالة التطبيق الفعلى لما يكتب فى سطور هذا القانون، وتحويلها إلى إجراءات ملموسة فعلياً دون أدنى انحيازات أو استثناءات أو تلاعب بما بين الكلمات، وإن كان البعض يرى الاعتراضات على القانون فأتمنى أن يرونه بعين التضحية من أجل عملية أكثر تنظيما، وأتمنى أنها تكون خطوة على الطريق من اجل أن يتحول العمل والاجتهاد ومصلحة المواطن يقيناً راسخاً بنا جميعا ولأجل نهضة ورقى مجتمعاتنا الطامحة فى التغيير والتقدم، فالهدف هو خدمة المواطن أولاً.










مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة