العالم كله يتفرج على مأساة السوريين ويمصمص الشفاه ويبدى دهشة تأثرا ويبحث عن حلول هو نفسه العالم الذى صنع المأساة يوما بيوم وسلاحا بسلاح وقنبلة بقنبلة. نفس هؤلاء الذين يتباكون على الإنسانية، هم من يصنعون السلاح.. السلاح يحتاج الحروب، والخوف، ومن الحروب يأتى الدمار، ويتضاعف اللاجئون. كم من صناع السلاح شارك فى بكائيات على الغرقى، وأشعل شموعا من أجل أرواحهم التائهة.
وكلما أفاق الرئيس الأمريكى باراك أوباما من غفوته عاد ليعلن عن حل سياسى، جربوا الحل السياسى مرات فى جنيف الأولى والثانية من دون نهاية.. الجمهوريون دمروا العراق تماما وحولوا العراقيين إلى رهائن لإيران من جهة، وكل أنواع الإرهابيين من جهة أخرى. ثم جاء الديمقراطيون سحبوا قواتهم من العراق بعد أن شقوه وقسموه وزرعوا فيه الكراهية والإرهاب.
المفارقة أن أوباما يطرح حلا من دون بشار، لأنه استخدم العنف ضد السوريين، ومن يطرحون الحل السياسى أيضا قتلوا من السوريين أضعاف ما فعل بشار. لا أحد يضع الشعب السورى فى باله حتى مصمصة الشفاه على لاجئين يموتون فى سيارات نقل الدجاج، وبراميل نقل المياه، أو يغرقون فى البحر المتوسط مع الليبيين.
أمريكا تتحدث عن حل، بانت نتائجه فى ليبيا، التى يتشارك شعبها الغرق مع السوريين، غاب القذافى ولم يغب الموت عن الليبيين، ويريدون منهم أن يصدقوا حلا لم ينجح فى العراق، ولا فى ليبيا، وينتظرون أن ينجح فى سوريا. نفس الحل المزدحم بالقتلى والمشردين.
بالطبع فإن الشعب العربى هنا وهناك يعانى من حكم مستبد وعليه اختيار حكم طائفى وفوضى تحتضن كل أنواع الإرهاب.
لم تكن أمريكا أبدا ضد الاستبداد، عندما كان المستبدون صالحون لحماية مصالحها، ولا تزال تدعم مغامرات قطر وتحالفات تركيا، وغيرها من الدول التى تساند قتل الشعب السورى باسم الحرية وهى نفسها تقتل شعوبها، لم يكن بين الأنظمة التى تحالفت مع أمريكا ضد بشار من يستطيع التباهى بأنه أقل قمعا أو أكثر تسامحا أو ديمقراطية. تماما مثلما كان حلفاء تدمير العراق، وصدام لم يكن الديكتاتور الوحيد. ثم إن شركاء الدمار العربى ليس لديهم فائض حرية ليصدروه، ولم يقدم أى منهم ملاذا لمئات الآلاف من السوريين يغرقون ويحترقون ويتجمدون فى متاهات بلا نهاية.
الحل الأمريكى المجرب فيه قتل وكراهية وإرهاب، ومع هذا يسعون للادعاء بأنه الأفضل. يمشون فى جنازات السوريين. فى حرب بالوكالة، يمارسها حثالة الإرهابيين المغول، بلا بداية ولا نهاية.