فى كلمة الرئيس عبدالفتاح السيسى بدار الأوبرا لإطلاق مشروع بنك المعرفة فى احتفالية يوم الشباب المصرى، وفى تركيزه على أن عام 2016 هو عام الشباب المصرى لتأهيله للقيادة من خلال منظومة علمية شاملة، طالب الرئيس بإحياء دور قصور الثقافة فى مصر، لأن المعركة الحقيقية فى مصر بالإضافة إلى معارك التنمية الاقتصادية، هى معركة الحفاظ على الهوية الثقافية.
وقد تناولت قضية قصور الثقافة هنا عدة مرات، وطالبت بترميمها وتطويرها وإعادة إحياء دروها، بعد أن تحولت إلى أماكن مهجورة و«خرابات» بالمعنى الحقيقى ونهبها الفساد والإهمال، وهجرها الشباب بعد أن غابت عنها الفعاليات، وتركتها وزارات الثقافة المتتالية منذ نهاية السبعينيات وللأسف حتى الآن.
وعندما تولى الدكتور عبدالواحد النبوى وزير الثقافة السابق مسؤولية الوزارة طالبته بالاهتمام بقصور الثقافة، لأنها حائط الصد الأول فى معركة الحفاظ على الهوية الوطنية، بعد أن غاب دورها لسنوات طويلة، وكانت هناك تجربة حقيقية لإحياء فرقة دسوق المسرحية، التى توقفت منذ عام 86 ولكن المفاجأة أن قصر الثقافة بالمدينة تحول إلى خرابة مهدمة ومهجورة لا نشاط فيه، وتحولت قضيته للنيابة للتحقيق فى قضية إهماله لسنوات طويلة ضاعت فيها على الدولة أموال كثيرة كالعادة، والقصر ما زال كما هو خرابة مهجورة، رغم وعود الدكتور النبوى لم يتحقق شىء حتى الآن.
وربما تفاءلت كثيرا بتولى الزميل والصديق حلمى النمنم مهامه كوزير للثقافة، لأنه مهموم ومهتم بوجود مشروع ثقافى لمصر يقوم على الوعى والتنوير، فهو مثقف وباحث ودارس حقيقى للتاريخ السياسى والاجتماعى والثقافى فى مصر، قبل أن يكون وزيرا فى الحكومة، يشهد به الجميع ويلاقى استحسانا منهم، فوزير الثقافة جاء من الجماعة الثقافية ولم ينعزل عنهم أو يتعالى عليهم لمجرد تنصيبه وزيرا، وقلت إنه ربما 5 أشهر منذ توليه غير كافية لإصلاح أمور كثيرة فى الوزارة، وفى القطاع الثقافى برمته، وهو قطاع مترهل وأصابه كثير من العطن الذى أصاب كثيرا من مؤسسات الدولة فى الـ40 عاما الماضية.
وأظن أن وزير الثقافة قد استمع أمس الأول إلى كلمة الرئيس واهتمامه بالدور الحيوى والضرورى لقصور الثقافة وإعادة إحيائها من جديد، وهذا ليس بالكثير على الوزير والجهات المعنية فى مصر لإعادة بناء وترميم وتأهيل قصور الثقافة وتهيئتها لممارسة كل الأنشطة الثقافية عليها، وإحياء فرقها المسرحية والفنية، فإذا كانت وزارة الشباب قد انتهت فى عام أو عامين من تأهيل 2700 مركز للشباب من بين 4 آلاف مركز من المفترض أن يتم الانتهاء منهم العام الجارى، بما فيهم مركز شباب دسوق أقدم مراكز الشباب فى مصر، فليس كثيرا على الدولة ووزارة الثقافة أن تعيد بناء وترميم وتأهيل حوالى 525 بيتا ومركزا للثقافة فى أقل من عام، وهذه هى مسؤولية وزير الثقافة الآن بعد كلمة الرئيس.
وأظن أن هناك مسؤولية على الوزير بعد مرور أكثر من 5 أشهر، وهى الإعلان عن المشروع الثقافى له وللوزارة فى الفترة المقبلة، ووضع الاستراتيجية الواضحة لركائز الثقافة المصرية على المدى القصير والمدى البعيد، فعملية التنمية فى مصر لن تحدث فقط بالمشاريع القومية الكبرى فى غياب مشروع ثقافى محدد وواضح، ومنذ اليوم الأول لتولى الوزارة دعوت الصديق حلمى النمنم إلى المسارعة لإعلان برنامجه فى النهوض بأحوال الثقافة فى مصر، لأن البداية الحقيقية فى النهضة تبدأ من العقل والوعى والوجدان السليم غير المشوه والمرتبك والضائع، والآن أطالبه بالإعلان عن هذا البرنامج فى مشروع النهوض بكل قطاعات الثقافة أو على الأقل فى إعادة الحياة مرة أخرى إلى بيوت وقصور الثقافة والثقافة الجماهيرية فى مصر، التى كان لها دور وإسهام حقيقى وبارز فى مد الثقافة المصرية بمواهب كثيرة فى مجالات عديدة، وجذبت ملايين الشباب فى القرى والنجوع والمدن لتفريغ طاقاتهم الإبداعية فيها، وكانت سندا حقيقيا لمشروع النهضة فى مصر فى الخمسينيات والستينيات، وربما حتى منتصف السبعينيات.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة