خرج علينا واحد من شيوخ الدعوة السلفية- أفضل عدم ذكر اسمه- مؤكدا أنه لا يجوز الترحم على الفنانين، حيث قال فى تصريحات صحفية له: «نشر هذه الترحمات على العام رُبما يُهوِّن عند الناس الجرائم الشرعية والأخلاقية التى اقترفها هؤلاء الممثلون وتغر الكثيرين وتشجعهم على مشاهدة الأفلام».
وأضاف عضو الدعوة السلفية: «هؤلاء الممثلون أظهروا الفسق وجهروا به وتسببوا فى تعليم وبث محرمات وموبقات وتحبيب فى الآثام والضلالات الكثيرة، والمفروض أن تُحذر منهم وتنهى عن اتباع سلوكياتهم»، والمدهش أن هذا الداعية نصب نفسه مصدرا للأحكام ومفتشا فى النوايا وقرر بعدة جمل لا تعكس سوى الجهل وقلة الوعى وغلاظة القلب أن يتهم الفنانين بأنهم «أُس الفساد» وسبب انتشاره، ونسى الشيخ- الذى أتحفظ أيضا على إلصاق صفة شيخ به- أن من جاهر بالمعصية ومن كذب ومن تم ضبطه فى وضع مخل بالآداب كان نفرا منهم وليس من أولئك الفنانين الذين تحولوا بقدرة قادر إلى ملطشة، كل من هب ودب يفتى فى أمر الفن والفنانين ويوزع صكوك الرحمة والغفران.. ويقرر أن هذا مذنب وذاك خطاء ومن سيدخل الجنة من أوسع أبوابها.
وللأسف لم يقم أحد الشيوخ المستنيرين بالرد على هذا الذكر غليظ القلب، وتساءل الكثير من الفنانين عن جدوى كلامه، ولمَ يصمت شيخ الأزهر؟ كما غرد الفنان خالد الصاوى على حسابه على تويتر وبالطبع لن يجيب أحد ولن يعلق.
فقط قد ينبرى أحد الشيوخ فى التعليق إذا أظهرت الدولة بعضا من الاهتمام بالفن والفنانين أو لو قرر الرئيس السيسى لقاء بعضهم مثلا، دون ذلك أقول لفنانى مصر، لا تنتظروا ردا من أحد، ولا تتوقعوا أن ينهض أحد المشايخ ليدافع عنكم فليست هذه أولى ولا آخر الدعوات الجاهلة التى تحرض ضد الفن والفنانين والمحركة للكراهية، ولتأكيد أن ما يقدمه نجومنا يندرج تحت بند الفسق والفجور من وجهة نظر هذا الشيخ وأمثاله ومن ينقلون عنه ويروجون لأفكاره.
وفى ظنى أن هذا الذكر الذى يجاهر برأيه فى الفن والفنانين، ويطالب بعدم الترحم عليهم يشاهد الأفلام ليلا وبمفرده، ويهدف فقط إلى إمعان النظر فى مفاتن الفنانات، وأعتقد أيضا أنه يحفظ عن ظهر قلب الكثير من الأعمال الجريئة ومشاهد بعينها وأن نجماته المفضلات هن ممتلاءات الجسد، هذا كل ما يعرفه عن الفن.. فهو أبدا لم يستقبل عملا فنيا بعقله أو روحه، ولم يعرف شيئا عن متعة الإبداع وكيف أن الله الذى خلق الجمال على الأرض وفى الكون كان أول المبدعين.. وهو من وضع بذرة الإبداع فى مخلوقاته.
لا أعتقد أن هذا الذكر وأمثاله قد استمتع فى يوم من الأيام بالدرجات اللونية للشمس وقت الغروب مثلا أو بصور الصحراء الممتلئة بالتشكيلات أو بأصوات الطيور التى حاكتها بعد ذلك الآلات الموسيقية لو كان فقط لديه القدرة على الاستمتاع بجمال الكون لكان قد علم وخبر أهمية الفن والفنانين، ولكنه للأسف جُبل على القبح لذلك لا يرى سواه ولا يعرف سوى الكراهية والبغض.
أرجو من خالد الصاوى وغيره ألا ينتظروا شيئاً من تلك العقول المتقيحة والرهان يكون على من يعرفون أن الله محبة.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة