عادل السنهورى

البث المباشر للبرلمان.. متعة المشاهدة

الأربعاء، 13 يناير 2016 10:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
حسب مواد الدستور، وتحديدا المادة 120، فإن جلسات مجلس النواب علنية، ويجوز انعقاد المجلس فى جلسة سرية، بناءً على طلب رئيس الجمهورية، أو رئيس مجلس الوزراء، أو رئيس المجلس، أو عشرين من أعضائه على الأقل، ثم يقرر المجلس بأغلبية أعضائه ما إذا كانت المناقشة فى الموضوع المطروح أمامه تجرى فى جلسة علنية أو سرية، ومع ذلك قرر الدكتور على عبدالعال، رئيس البرلمان الجديد، وقف البث العلنى المباشر للجلسات الإجرائية للبرلمان، بناء على حملة التوقيعات التى قادها الدكتور حسام الرفاعى، عضو مجلس النواب المستقل، عن دائرة العريش بمحافظة شمال سيناء، لوقف البث المباشر والعلنى لجلسات مجلس النواب والاكتفاء بالمناقشات المهمة فقط.

قرار منع البث يثير خلافا وجدلا ما بين موافق عليه وما بين رافض له تماما، لأنه يتنافى مع مبدأ الشفافية ومادة الدستور، ومن حق الشعب أن يتابع ويراقب أداء نوابه داخل البرلمان ومدى إثرائهم الحوارات الداخلية فى الجلسات العامة أو اللجان، بالمناقشات والآراء الجادة، فالمجلس مزدحم بالأعضاء، والمكان يضيق بنوابه، وهواة الشو الإعلامى والحركات المسرحية وأصحاب الصوت العالى يستهويهم الزحام لاستعراض مواهبهم فى التمثيل وأداء الحركات المسرحية، وهو ما شاهدناه فى اليوم الأول ومازلنا نشاهده حتى الآن رغم محاولات الدكتور على عبدالعال، رئيس البرلمان الجديد، إبداء درجة من الحزم والصرامة على من يتجاوز من الجلسة الأولى، لكن المشكلة أن سلوكيات الزحام وحمى البداية للنواب أمام الكاميرات وطمأنة أهالى الدائرة على وجوده تحت القبة، تفرض إيقاعها وضجيجها رغم محاولات الحزم والتنبيه.

ربما يرى البعض أن منع البث، ولو مؤقتًا، يحقق عدة فوائد، أهمها أن نجوم الشباك وأصحاب المواقف الكوميدية الطريفة أو «الحنجورية السياسية» سيتم حرمانهم من استعراض مواهبهم أمام الكاميرات، وبالتالى سوف يتفرغون للمناقشة الجادة أو الاستماع على الأقل، ويرحم الناس من ظهورهم المتكرر على حساب نواب آخرين ليست لديهم خبرة المشاغبة السياسية ويريدون إبداء آرائهم ومقترحاتهم دون ضجيج، ومن جانب يغلق الباب أمام المتربصين فى الداخل والخارج، فالتجاوزات الصغيرة والكبيرة مستمرة، وهذه عادة فى كل البرلمانات فى العالم، فمثلما كان هناك نائب الأذان فى مجلس الإخوان أصبح لدينا نائب أداء القسم، ونائب «تحيا مصر»، ومن «بما لا يخالف شرع الله» إلى «عليا الطلاق ما أنا حالف».

وهنا فإن قرار منع البث سيمنع المشاهدين الراغبين فى الضحك من متعة الفرجة على بعض النواب أصحاب المواهب، وأيضا سيحرم الجادين من متابعة المناقشات حول القضايا المصيرية مثل التعليم والصحة والخدمات والقوانين المثيرة للجدل فى الشارع المصرى مثل قانون التظاهر وقانون الإرهاب والطوارئ.

لكن من ناحية أخرى، فالبث المباشر للجلسات يحقق نوعًا من الشفافية التامة، وهذا مطلب شعبى وجماهيرى للمتابعة والمراقبة لأداء النواب وكيفية تمرير القرارات والموافقة على القوانين، وكيف تتشكل الكتل السياسية والهيئات البرلمانية، ومن هى الأغلبية البرلمانية، ومن سوف يصبح المتحدث باسم الحكومة والمدافع عنها، وهل ستكرر الأغلبية نفس سيناريو الحزب الوطنى وجماعة الإخوان أم التغييرات فى البرلمان الحالى لن تسمح باستحواذ كتل أو مجموعات سياسية معينة لإدارة البوصلة السياسية والبرلمانية تحت القبة.

البث المباشر لجلسات البرلمان حق دستورى للجميع، ليس فقط من أجل المتابعة والمراقبة لأداء النواب والحكومة، وإنما أيضا لتحقيق الشفافية والوضوح، وأحيانا، قليل من متعة المشاهدة والفرجة أيضا، فالمسرح السياسى يكون أحيانا أكثر فكاهة ومتعة من مسرح الحياة.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة