لم تكن أزمة إعدام السلطات السعودية للمرجع الشيعى السعودى "نمر باقر النمر" وما تبعها من توتر للعلاقات بين المملكة وعدد من الدول العربية وإيران، الأولى فى مشهد "الصراع العربى الإيرانى" المعرض للتصعيد، خاصة وأن البعض لم يستوعب بعد أن الفصل الأخطر فى ذلك الصراع الذى بدأ منذ شهور، وتحديدا مع استقرار العلاقات الامريكية الإيرانية بعد توقيع طهران للاتفاق النووى مع مجموعة 5+1، وما تبعها من تخوف المملكة العربية السعودية خاصة ودول الخليج عامة، من أن يؤدى هذا التقارب الى تأييد أمريكى وغربى للأهداف التوسعية الشيعية فى الخليج.
وما أعقبها من مواجهة سعودية ـ عربية غير مباشرة للأطماع الايرانية فى المنطقة، بدأت بالتدخل المباشر لكبح جموح (طائفة الحوثيين) التى تستمد قوتها العسكرية واللوجستية والمذهبية من طهران، ومنعها من السيطرة على الحكم فى اليمن، وهى الحرب التى كلفت المملكة عشرات المليارات من الدولارات ومازالت .
الواقع يؤكد أن ايران لن تغيير سياساتها مع العرب خلال الفترة المقبلة ، استثمارا للفرصة التاريخية التى منحت لها لفرض الهيمنة الشيعية على العديد من الدول العربية ، فى ظل دعم امريكى وغربى لسياساتهما.. فى مقابل خطوات خليجية عربية قد تدخل المنطقة فى صراعات كارثية .
الغريب أن ما تعلنه ايران من رغبتها فى إقامة علاقات طبيعية مع كل الدول العربية، يختلف تماما مع ما تقوم به من تحركات على الأرض، والتى تلقى تحفظات لا حصر لها من كل الدول العربية بلا استثناء ، ويؤكد استحالة وجود علاقات طبيعية مع طهران طالما استمرت فى سياساتها التى تثير كثيرا من القلاقل فى العديد من الدول العربية . فكيف لدولة مثل السعودية أن تقيم علاقات سوية مع إيران فى ظل تهديد لأمنها القومى من الجنوب عن طريق الحوثيين، الذين تدعمهم ايران فى اليمن، الى جانب دعمها للشيعة فى العديد من مناطق المملكة، خاصة فى منطقتى (القطيف والإحساء) وما تسببه من احتقان طائفى هناك.
وهو ذات الامر الذى ينسحب على البحرين ، التى تعانى الامرين من التدخل المباشر لإيران فى شئونها الداخلية، ودعمها الغير محدود للشيعة هناك ، وإثارتها الدائمة للقلاقل فى البلاد ، وإصرار ايران على دعم التشيع فى كل الدول العربية بلا استثناء ، وهو ما يخيف كثيرا من الدول العربية ويمنعها من اقامة علاقات سوية ومباشرة مع ايران، ولاسيما (مصر) التى تصر منذ عهد السادات على فرض مقاطعة على طهران، وتضع اسبابا معلنة لذلك أهمها نشر(التشيع) .
الى جانب استمرار احتلالها الكامل للجزر الإماراتية الثلاث (طنب الكبرى، وطنب الصغرى، وأبو موسى) والتى استولت عليها عام 1971 بموجب اتفاق مع البريطانيين قبل انسحابهم من المنطقة، والذى مكن طهران من التحكم فى الممر المائى بالخليج العربى بالكامل ، فى ظل رفض كامل لمناقشة القضية أو احالتها الى محكمة العدل الدولية.
وفى توقيت اصبح للإيرانيين اليد الطولى فى القرار فى كثير من الدول العربية مثل (سوريا ، والعراق ، واليمن ، والبحرين ، ولبنان) بل والمحرك الأول فى كل الاحداث غير الطبيعية فيها، وهو ما يثير تحفظات كل العرب.
أؤكد أن إعدام (النمر) لم يكن المشهد الأول ولا الأخير فى الصراع العربى الايرانى، الذى أؤكد أنه معرض للتصعيد طالما استمرت ايران تنتهج ذات السياسات التوسعية الناشرة للفكر الشيعى فى المنطقة ، مستغلة الظرف التاريخى وشهر العسل الذى تعيشه مع أمريكا والغرب بعد توقيع الاتفاق النووى، والذى اؤكد أنه قد يغير من مقاييس القوى فى العالم فى حالة تغيرت نظرة طهران للمنطقة ، وتحولت الى حليف للعرب ، وهو ما اؤكد أنه من المستحيل ان يتحقق فى ظل سيطرة (الدينيين) على الحكم فى ايران.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة