دور رجال الأعمال والثقافة
منذ نحو شهر كانت وزارة التربية والتعليم قد عقدت اتفاقا مع اتحاد الناشرين المصريين ينص على تزويد المكتبات المدرسية بكتب تتجاوز المليون جنيه على أن يكون ذلك مجرد مرحلة أولى فى خطة طامحة لإعادة تغيير شكل المكتبات المدرسية التى هى بحاجة إلى تغييرات كبيرة وإضافات متعددة تصل إلى درجة التغيير الشامل فى المبنى والمحتوى.
وفى شهر أغسطس الماضى صرح الدكتور محمد أبوالفضل بدران، والذى كان يشغل منصب الأمين العام للمجلس الأعلى للثقافة وقتها، بأن المجلس سيوزع 20 ألف كتاب مجانًا من مطبوعاته على القرى والنجوع الأشد احتياجًا للثقافة والقراءة والاطلاع ليصل إلى ربوع مصر كافة، وذلك ضمن مشروع مبادرة «صيف ولادنا»، وهى فكرة تحسب للمجلس الأعلى للثقافة لو كان قد قام بتنفيذها.
تذكرت كل ذلك بعدما قرر كاتب أمريكى يدعى جيمس باترسون، والذى يعد صاحب الكتب الأكثر مبيعًا على مستوى العالم، أن يتبرع بمبلغ مالى قدره 10 آلاف جنيه إسترلينى لصالح المكتبات التى غمرتها مياه الفيضانات فى مدينة هيبدين بريدج، التى تقع شمال إنجلترا، وتساءلت هل من الممكن أن يشارك المجتمع المدنى فى مصر فى بناء مكتبات أو حتى إعادة تشكيل المكتبات الموجودة التى تملكها الدولة؟
فمشاركة رجال الأعمال المهتمون بالثقافة فى إنشاء وإعادة الحياة للمكتبات هى سبيل مهم للنجاة من التردى الواسع الذى يهدد خيال الأطفال، لأننا جميعا نعرف أنه لا توجد فى مصر مكتبات بالقدر الكافى الذى يسمح بأن يتخرج طفل أو شاب من مرحلة مدرسية ما وتصبح لديه حصيلة قرائية جيدة تسمح له بأن يشكل وعيه الجديد بناء على المنطق الذى تسرب إليه من الأفكار، واعتمادا على الخيال الذى انتقل إليه من تفاصيل الكتابة، وفى العالم الحديث الذى يتشكل بسرعة لا يمكن أن يكون هذا حالنا.
نعم يمكن القول بأننا فى مصر نملك دور نشر لا تقارن بحركة النشر الموجودة فى العالم لكنها معقولة نوعا ما، أما النقص الشديد فيتمثل فى المكتبات التى يملكها أفراد أو مجتمع مدنى، لذا نصبح وجها لوجه أمام المكتبات الحكومية بفقرها الشديد وبحاجتها الملحة للتطوير، ولكى نصل لنوع من التوازن فى هذه النقطة يجب أن يساهم رجال الأعمال المهتمين بالجانب الثقافى فى إنشاء عدد من المكتبات المستقلة فى القرى المتنوعة أو حتى يشاركوا بجزء فى إعادة الحياة للمكتبات العامة التابعة لقصور الثقافة وللمدارس العامة، خاصة فى القرى البعيدة التى ربما لم يتم تحديث مادتها منذ سنين عديدة، كما يجب على وزارة التربية والتعليم أن تنفذ الاتفاقية بينها وبين اتحاد الناشرين المصريين، وتنتقل للمرحلة القادمة وتبدأ بالمدارس النائية فهى الأكثر احتياجا.