يوسف أيوب

من اختطف لبنان من العرب؟

الجمعة، 15 يناير 2016 10:01 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
من اختطف لبنان من العرب؟.. لبنان لا يمكن أن يكون حيادياً إلى درجة أن يخرج عن الإجماع العربى الذى أعلن التضامن مع المملكة العربية السعودية فى أزمتها مع إيران، فهذه قضية لا تحتمل الحياد أبداً، لأنها تمثل جوهر الصراع الحالى الذى يشهده الشرق الأوسط، فنحن أمام صراعين، الأول مع إسرائيل، والثانى مدإيران التى تريد فرض الهيمنة على المنطقة، الأول معروف وأدوات التعامل معه معروفة للجميع، كما أن ألاعيب إسرائيل نحن على علم بها، كما نعلم حلفاء تل أبيب فى المنطقة ومن يساندونها فى العلن والخفاء.

لكن ما ليس معلوماً لنا أو على الأقل أصبح محيراً أن يكون لدولة مثل إيران هذا التأثير على السياسة الخارجية اللبنانية بحيث تجعل بيروت خارج السرب العربى الذى أعلن الأحد الماضى دعمه وتأييده وتضامنه مع السعودية فى أزمتها مع إيران، لكن خرقت لبنان الإجماع العربى، وتحولت إلى دولة ممانعة بجانب إيران، لتؤكد الهيمنة الإيرانية القوية على السياسة الخارجية اللبنانية التى لم تعد تتحرك وفقاً للمصالح الوطنية وإنما وفقاً للتوجهات الإيرانية.

قد يكون مفهوماً هذا التغير الذى طرأ على الدبلوماسية اللبنانية، إذا نظرنا لمن يتبوأ حقيبة الخارجية وهو جبران باسيلى، فهو رئيس التيار الوطنى الحر، وزوج شانتال ميشال عون، نجله ميشال عون مؤسس التيار الوطنى الحر، والحليف القوى لحزب الله فى لبنان، بل أنه يعيش على إمدادات الهواء السياسى الذى يمنحه له حزب الله، لذلك فليس مستغرباً أن يأخذ باسيلى الدبلوماسية اللبنانية إلى هذا المنحى، فهو يريد أن يجامل حزب الله بدعم إيران، ولما لا وعون المتشبث بكرسى الرئاسة اللبنانية الفارغ لأكثر من عام، يرتكن لقوة حزب الله، ومن خلفهما جميعاً إيران التى تعتبر حلفاءها فى لبنان، حزب الله والعونيين، هم الكرت القوى فى لعبتها الخارجية، وتحركاتها سواء فى الملف السورى أو العراقى أو اليمنى أيضاً، لذلك تغدق عليهم بالقوة التى يحتاجونها، وفى المقابل يقوم حلفاؤها بتطبيق ما تحتاجه طهران من شق للصف العربى.

ما فعلته لبنان عبر وزير خارجيتها فى اجتماع وزراء الخارجية العرب الذى عقد بالقاهرة الأحد الماضى بدعوة من السعودية لا يمكن وصفه أبداً بالحياد الدبلوماسى، لأن الحياد لا يجوز فى وضع مثل الوضع الذى تعيشه المنطقة حالياً، فنحن فى معركة وجود كما وصفها أحد الدبلوماسيين الكبار، نعم هى ليست حرباً مسلحة، لكنها مواجهة سياسية ودبلوماسية سيكون لنتائجها مردود مختلف ليس فقط على المنطقة فحسب وإنما على المسرح الدولى أيضاً.

هل تجاهلنا لبنان؟.. جزء مما يحدث فى لبنان حالياً مرجعه أن العرب تجاهلوه أو أهملوا ملفه على الأقل الشهور الماضية، فتم التركيز على الملفات المشتعلة مثل سوريا والعراق وليبيا واليمن، فيما تركنا لبنان يموج بتحولات سياسية داخلية ربما تكون عصية على فهم من لا يتابعها عن قرب.. تركنا لبنان لمن يحاول أن يتلاعب به ويحوله إلى عصا فى يديه أو خنجر يستعمله متى يشاء.

ترك العرب لبنان فى يد إيران، وكانت النتيجة أن حلفاء إيران يتحكمون فى سياساتها الخارجية، بينما القوى الأخرى لا حيلة لها، لأنها السند تراجع عن دعمهم وتركهم فى وجه قوى داخلية تستند لإيران التى تريد الهيمنة وتنظر للبنان على أنها البوابة التى تحتاجها الآن.

تجاهل العرب أو تناسوا لبنان فتضخمت قوى التحالف الإيرانى وتوارت للخلف قوى الاعتدال، ولم نعد نستمع لهم إلا عبر بيانات وتصريحات تويتية فقط، فيما بقيت مجموعة قليلة تناضل من أجل إبقاء لبنان على هويته العربية، بقى نهاد المشنوق يجاهد بدبلوماسية وسياسة، فيما حاول آخرون من بينهم الدكتور سمير جعجع رئيس حزب القوات اللبنانية أن يبقوا على مواقفهم رغم ما يتعرضون له من ضغوط ربما تكون أقوى من أن يتحملها فرد أو حزب.

أخطأنا فى فهم الطبيعة اللبنانية والنوايا الإيرانية فكانت النتيجة ما نراه الآن، ولم يعد أمام الدول العربية الكبرى إلا أن تعود لبيروت مرة أخرى، حتى لا تفقدها كلية بعدما فقدنا سياستها الخارجية، والعودة يجب أن تكون محسوبة والآن وليس غداً، لأن الداخل اللبنانى مشتعل، وحرائقه مشتدة وليس أمام العرب إلا التدخل حتى تهدأ لبنان وتعود الأمور لنصابها الصحيح.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة