مازلنا فى مجلس النواب، وسيادة الاستعراضات عن العمل البرلمانى التشريعى والرقابى، وبينما بدأ المجلس فى مناقشة القرارات بقوانين التى صدرت فى غيبة البرلمان، لاتزال مساحات الفرجة ممتدة لدى عدد من النواب، يفضلون الاستعراض، أو يتفهمون شؤون الحصانة بشكل مبالغ فيه، وبعد أن رأينا بعض النواب ينشغلون بملابس النائبات، ويعارضون ارتداء «البوت»، ونائب يكمم نفسه، وآخر يشتم معارضيه، فيما بدا مهرجانا «للحصانة التجريبية»، حيث يختلط المنظر بالقصة، والخاص بالعام، والطالع بالنازل.
ومن هذه القصص حكاية نائب انتقد إجراءات التفتيش فى مطار الغردقة، واعترض على خلع الحذاء، ورد على منتقديه بأنه لم يمتثل للتفتيش فى المطار مثل أى مواطن، وأن اعتراضه على طلب سلطات المطار من الركاب خلع الأحذية، وأن ذلك تم مع ركاب من دون آخرين.
ويعرف من اعتادوا السفر أن خلع الأحذية إجراء فى كل مطارات العالم، فى ظل تهديدات إرهابية، أى نوع من التهاون يمكن أن يقود إلى كارثة، وقد تمت خلال الأسابيع الماضية تعاقدات مع شركة بريطانية لمراجعة إجراءات الأمان فى المطارات المصرية، بعد حملة تشكيك أدت لسفر السياح، ولا أحد يعترض فى أى مطار بالعالم، بمواجهة الإجراءات المرهقة فعلا، ومؤكد أن السادة النواب يمثلون الشعب ويتابعون ما يجرى خلال الشهور فى كل مطارات العالم، ويتم هذا مع الجميع، بمن فيهم الوزراء، وهو أمر رأيناه فى مطار شرم الشيخ.
القضية أن نفس النائب أو زميلا له دخل فى مشادة مع طبيب فى مستشفى جامعى، النائب قال إنه كان يتابع حالة طفل فى المستشفى، والطبيب قال إن النائب تحدث معه بطريقة غير لائقة، وتقدم النائب بشكوى أخرى، مع شكواه لوزير الداخلية.
الطبيعى أن يعلم السادة النواب أنهم يحصلون على الحصانة، من أجل عملهم تحت القبة وفى مواجهة السلطة التنفيذية التى يراقبونها، وليس من أجل الاستعراض أو «المنظرة» على خلق الله، وما نراه مبكرا جدا هو التعامل بخشونة فى الأماكن التى يزورونها أو تكون لهم فيها خدمات يريدونها، ويفترض أن يحتفظ النائب بصورة لائقة كممثل للشعب وليس صاحب سلطة مطلقة.
وحتى فى المناقشة مع الوزراء تحت القبة، يفترض أن يحافظ الوزراء والنواب على الحد الأدنى من الاحترام ويلتزموا بالمعلومات والتوثيق وعدم الخلط بين الطلبات الخاصة والمواقف العامة، وأن تتجاوز المناقشات حالة الاستعراض إلى طرح وجهات نظر، نقول هذا بعد مشادات واتهامات فى لجنة القوى العاملة خلال مناقشة مشروع قانون الوظيفة المدنية.
وتطور الأمر إلى إشارات وتلميحات، وكلها خطوات تعطل العمل وتبقيه فى سياق الحركات والمناظر.