الزعيم الراحل جمال عبدالناصر شخصية أثرت فى أجيال كثيرة متعاقبة، فهو أجرى تغييرات فى البلد وعشقه الشعب ومازال، كما أنه يمثل حقبة مهمة فى تاريخ العرب ككل، وليس المصريين فقط، فى فترة زمنية تمتد منذ ثورة يوليو 1952 أو قبلها وحتى وفاته.
ناصر.. تركيبة فريدة لشخصية قدر لها أن تنعم بجنة التميز، فنزعة الزعامة لديه هى نتاج التجربة والتعايش فى فضاء إنسانى سمح لها بالنمو والإثمار، مما منحه أرضية مناسبة نستطيع التحرك عليها وتمنحنا حق التعبير وحق الاختلاف والتحلى بالقدرة على الاستماع للرأى الآخر.. باختصار تحتاج مساحة حرية تضمن أن يتحقق عليها التسامح الذى نادت به كل الأديان.
أمس مرت ذكرى ميلاد عبدالناصر الـ98، وكالمعتاد تصدرت صوره وحكاويه عالم «السوشيال ميديا»، فهو من مواليد 15 يناير 1918 فى 18 شارع قنوات فى حى باكوس الشعبى بالإسكندرية، وكان الابن الأكبر لعبدالناصر حسين ابن قرية بنى مر فى صعيد مصر، فى أسرة من الفلاحين، لكن ناصر عاش طفولته وذكرياته فى عروس البحر، قبل أن يأخذه حلم التعليم إلى قاهرة المعز، ومن ثم دخول الكلية الحربية، حتى وصل إلى الحكم عقب ثورة يوليو.
حياة عبدالناصر منذ نعومة أظافره ثرية جدًا بها كثير من الأحداث، حتى وصل إلى مرحلة النضوج المليئة أيضًا بالدراما التاريخية المهمة التى أثرت ومازالت تؤثر فى تاريخ مصر وشعبه على مدار أكثر من خمسين عامًا، لكن رغم هذا التأثير الكبير والممتد فإن الأعمال الفنية التى تناولت السيرة الذاتية لعبدالناصر لم تجسد الحالة الكاملة له والمشبعة دراميًا، فعلى الرغم من فيلم «ناصر 56» والذى جسد شخصيته الفنان الراحل أحمد زكى، وحاز على إعجاب الكثيرين، لكن الفيلم لم يتناول سوى أحداث 106 أيام فى حياة عبدالناصر، وتحديدًا فترة تأميم قناة السويس، كما أن مسلسل «ناصر» الذى قام ببطولته الفنان مجدى كامل، لم يحقق المردود الإيجابى وفشل فى التركيز على حياة عبدالناصر، واهتم بتفاصيل أخرى محيطة فى تلك الحقبة أكثر، مما جعل العمل لا يستطيع الوصول إلى المشاهدين وتحقيق النجاح المطلق، ونفس الحال لفيلم «جمال عبدالناصر» الذى قام ببطولته خالد الصاوى. الحقيقة أن عبدالناصر يحتاج أكثر من عمل درامى ومن زوايا مختلفة، وهذه الأعمال مهمة لأن هذه الفترة ذات قيمة تاريخية يلجأ إليها الناس الآن مقابل بعض القيم الأخرى التى لا يشعرون بها، ولكن يجب أن يعى القائمون على فكرة أى عمل عن الزعيم الراحل بأن نجاحه مرتبط بكيفية تقديم عمل فنى جيد يرصد الحقائق بلا تزييف أو إضافات، ليس لها أى قيمة، فإذا حدث العكس فستصبح هذه الأعمال هوجة بهدف الربح فقط، مثلما حدث فى الأفلام التى اجتاحت السينما والمسلسلات التى اقتحمت «البيوت» فى الفترة الماضية.
«قلنا حنبنى وآدى احنا بنينا السد العالى».. ومن المصادفات أيضًا أن ذكرى بناء السد العالى أحد أهم إنجازات عبدالناصر، يتزامن سنويًا مع ذكرى ميلاده، فهذه القصة بتفاصيلها تحتاج إلى عمل درامى يحكى تفاصيل هذا العمل الملحمى.. فهل نرى أعمالًا درامية جديدة قريبًا.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة