فرحنا بباسم يوسم عندما كان كرباجا على الإخوان، وسخر منهم وفضح أكاذيبهم، ولا أنسى قفشاته المدمرة وأشهرها «جبنة نستو يا معفنين»، و«جاز وكحول دونت ميكس».. ولكن غضبنا منه عندما بدأ يتطاول على الرئيس والجيش، فى وقت كانت فيه البلاد على حافة الخطر الأكبر، ولا تحتمل السخافة ولا السماجة، ولا المواقف المزدوجة والمثيرة للجدل، وبدا واضحا أنه يوظف سخريته لحسابه الخاص، ولا يفرق بين عصابة احتلت مصر وأرادت محو هويتها، وبين جيش وطنى تعلقت به القلوب لتخليصها واسترداد مكانتها.
لا يمكن أن أتهمه بالخيانة أو أشكك فى وطنيته، فهذه مفردات يجب أن نمحوها من حياتنا السياسية، ولا نتعامل بها مع خصم أو معارض، إلا ما تصدر بشأنه أحكام قضائية.. ولكن مواقفه كانت ومازالت صادمة لملايين المصريين، فهل كان يقاوم الإخوان بالسخرية من أجل بلده وفى سبيل قضية مؤمن بها، أم لأسباب أخرى؟.. ولماذا لم يحاول الخروج من الشريط الضيق الذى حاصر نفسه بداخله، باستخدام السخرية فى غير مكانها وموضعها، واستدعاء ما يتصور «أنه خفة دم» بصورة كلها «تقل دم؟».
لكل مقام مقال ولا يصح تسفيه القضايا الجادة بإفيهات هزلية، ولا الاستهزاء بالشعور الوطنى، ولا نزول مؤتمر سياسى ببدلة رقص ولا الذهاب لسرادق عزاء بمايوه، مثلما تناول قضية «جنينة والـ600 مليار جنيه»، بقوله «وصلت يا جماعة اللى حيشاور على الفساد، انكل فساد نفسه حيقوم ويجيبه من قفاه ويحبس أمه. واى يو دو زيس مستر جنينة؟ تعايش مع الفساد واخلص».. كلام عبيط وهلس، لا فكرة ولا أسلوب ولا معنى ولاحتى حبكة ساخرة ولا «قفشه» على طريقة أولاد البلد، ومثل النكتة التى تضحك أحيانا من شدة سخافتها!.
ولأن أجندته هى السخرية المشبوهة، فقد يدرك أو لا يدرك أن هناك أحداثا جساما لا ينفع معها الصيد فى الماء العكر، مثل اقتراب ذكرى 25 يناير، وتمنياتنا جميعا أن تمر بهدوء وسلام، وأن يرد الله كيد الكائدين إلى نحورهم، ولا تسقط قطرة دماء واحدة من أى مصرى.. ولكن باسم استخدم نفس أسلحة التسخين والتلسين والمزايدة والغمز واللمز، بنفس الطريقة التى كان يهاجم بها الإخوان، وكتب تغريدات بعنوان «انهاردة اوبن بوفيه»، حول ما أسماه اعتقالات للشباب، واختتمها بقوله «واضح إن القرار الجمهورى بإنشاء سجن جديد على مساحة 100 فدان ماكانش عامل حسابه فى المساجين، فأجهزة الأمن نازله تلم رزقها»!.
فرحنا بباسم يوسف وابتلعنا سقطاته، حين كان يعزف مع مشاعر ملايين المصريين، ضد جماعة حاولت سرقة وطن وإخضاع شعب.. ولكن سلاحه ارتد إليه لأنه لم يفرق بين أن يكون مع الناس، وبين أن يقف ضدهم، وأن المصريين يقفون وراء الجيش والشرطة فى معركة البقاء ضد الجماعات الإرهابية، ويحتسبون عند الله شهداء أبرار، يقدمون حياتهم دفاعا عن حياتنا.
هذا ليس وقت عبث ومكر ومتاجرة ببطولات تافهة، ولا جنى ثمار وحصد مكاسب، وليست الشجاعة أن تعيش فى أمريكا عيشة أمراء الخليج، وتنعم بملايين الدولارات، ثم تحاول اللعب على مشاعر شباب متحمس، بعبارات السخرية والاستظراف والاستهزاء التى عفا عليها الزمن، فى وقت يحشد فيه الإخوان كل صنوف التآمر استعدادا لـ25 يناير.. فانزع عن نفسك شبهات الدعم الساخر.. للمتآمرين.