كيف ننجو من توابع المصالحة مع أمريكا؟
لم يكن الحبر الذى وقع به الرئيس الأمريكى باراك أوباما على الأمر التنفيذى بإلغاء العقوبات المفروضة على إيران يجف بعد حتى شعرت أسواق المنطقة العربية بزلزال كبير أربك حسابات كثيرة، وألقى بظله على خارطة الأموال عالميا، وسط توقعات باستمرار هذا الوضع الصادم حتى يعتاد الناس على الصدمة!
إيران التى تعيش منذ أكثر من خمسة وثلاثين عاما تحت الحظر التدريجى الذى وصل إلى حظر كامل منذ أكثر من عشرين عاما أصبحت الآن حرة، تبيع كيفما تريد وتشترى كيفما تريد، وزير خارجيتها فى اجتماع سابق لمنظمة الأوبك التى تنظم تحديد أسعار البترول فى العالم قالها صريحة منذ شهر تقريبا: «بلادى لن تحدد سقفاً لإنتاجها النفطى بعد رفع العقوبات عنها، وتنتظر بفارغ الصبر العودة بقوة إلى الأسواق العالمية»، بينما أهم دول العالم إنتاجا للنفط بما فيها دول الخليج تعانى من أزمات مالية كبيرة وتضعها أزمات المنطقة المستمرة فى احتياج دائم إلى مزيد من الأموال، سواء لتوفير الاستقرار الداخلى أو المساعدة فى دعم استقرار بعض الحلفاء ومن بينها مصر، وهو ما خسف بسعر برميل النفط إلى مستوى متدنٍ لم يبلغه منذ العام 2009، لكن هذا كله كان قبل إبرام الاتفاق، فماذا حدث بعد ذلك؟
ووفقا للوكالة الفرنسية فإن هبوطا حادا قد انتاب الأسواق الخليجية بعد توقيع الاتفاق النووى مع إيران، فتراجعت سوق الأسهم السعودية 6.5 فى المائة بعد دقائق من بدء التداولات، أما مؤشّر سوق الأسهم السّعودية فقد هبط إلى أدنى مستوى له منذ سبع سنوات، مع هبوطٍ فى سعر برميل النّفط إلى 29 دولاراً، وهوت أسعار النفط العالمية أكثر من 6 فى المائة حتى وصل خام «برنت» إلى مستوى 29 دولاراً للبرميل، للمرة الأولى منذ 2004. كما تراجعت أسهم 164 من الشركات الـ167 المدرجة فى البورصة السعودية، وتراجعت سوقا الأسهم فى دبى وقطر حوالى ستة فى المائة، أما فى الكويت فقد هوى المؤشر الرئيسى 2.3 فى المائة، أما فى عمان فقد تراجعت بنسبت 1.5 فى المائة، ولم يزد التراجع فى البحرين 0.3 فى المائة.
هذا هو ما تعنيه كلمة زلزال، تلك النسب المئوية التى تتبادلها وكالات الأنباء تترجم على الأرض بمليارات الدولارات، تترجم أيضا إلى قرارات سياسية فورية، والامتناع عن قرارات سياسية أخرى، وهو ما يعنى أن وضع المنطقة قبل الاتفاق النووى الإيرانى شىء وما بعده شىء آخر، وهنا يبرز تصريح الشيخ محمد بن راشد نائب رئيس مجلس وزراء الإمارات وحاكم دبى الذى قال فيه، إن %70 من اقتصاد الإمارات لا يعتمد على البترول، بما يعنى أنه لا داعى للصدمة، لأننا نملك بدائل أخرى، وربما يكون من آثار هذا التصريح هو تقليل الفارق فى تراجع البورصة من 6 فى المائة إلى 5.5 فى المائة، وفى الحقيقة فقد ذكرتنى تلك الأزمة بأزمة مصر إبان يناير 2011، فقد كانت مصر تعتمد بشكل كبير على قطاعى السياحة والإنشاء والتعمير فى اقتصادها، وحينما أشعلت الأجواء وهربت السياحة مع مقاولى الإنشاءات تدهور الاقتصاد المصرى، وتآكل الاحتياطى النقدى، ومن هنا ندرك أهمية تنويع موارد مصر الاقتصادية، أى «ألا نضع البيض فى سلة واحدة» اقتصاديا وسياسيا.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة