وقالت صحيفة "هاآرتس" الإسرائيلية، اليوم الاثنين، إن هذا هو أول تصريح من نوعه يصدر عن مسئولين رفيعى المستوى فى الجيش الإسرائيلى بشأن التواجد الروسى فى سوريا، وهى مسألة قللت إسرائيل من التطرق إليها علنا، فى ظل السعى إلى الامتناع عن توتير العلاقات مع روسيا.
التحذيرات جاءت ضمن دراسة إسرائيلية
وأوضحت الصحيفة العبرية أنه جاء ذلك فى إطار دراسة نشرت، الشهر الماضى، على الموقع الإلكترونى لمعهد "واشنطن للدراسات الشرق أوسطية"، وحملت الدراسة توقيع الباحثين الإسرائيليين نداف بولك والعميد مونى كاتس، وكان قد شغل الأخير العديد من المناصب الرفيعة فى الجيش الإسرائيلى، وكان حتى الصيف الماضى، قائدا لكتيبة الجليل الناشطة على الحدود اللبنانية، والتى ستقف فى مقدمة الجبهة فى حال اندلاع حرب أخرى مع حزب الله.
وقال كاتس المتواجد حاليا فى الولايات المتحدة فى إطار بعثة دراسية، وزميله بولك، خلال الدراسة، إنه لأول مرة فى تاريخه يقوم حزب الله بمناورات هجومية كبيرة فى إطار مشاركته فى الحرب السورية.
تضخيم تجربة حزب الله
وحسب الدراسة فإن التواجد العسكرى الروسى المتزايد الذى بدأ بنشر طائرات حربية فى شمال سوريا، فى نهاية أغسطس الماضى، واتسع لاحقا، ليشمل إرسال عدد كبير من المستشارين لقوات الأسد البرية، سيضخم من تجربة حزب الله ويزوده بدروس قيمة تساعده فى الاستعداد للمواجهات القادمة.
وحسب بولك وكاتس، فإن الاستراتيجية العسكرية لحزب الله قامت حتى اليوم على الدفاع والاستنزاف فى حالات الاحتكاك مع إسرائيل، إلى حد جعل قادة كبار فى الجيش يميلون إلى وصف الهدف الأساسى للتنظيم بـ"عدم الخسارة".
استراتيجية حزب الله العسكرية
وفى ظل التفوق الإسرائيلى فى التكنولوجيا والقوى البشرية، اعتمدت هذه الاستراتيجية على تمديد المواجهة العسكرية لأطول فترة ممكنة، واستنزاف الجبهة الداخلية الإسرائيلية من خلال إطلاق الصواريخ والقذائف بشكل مكثف ومتواصل، وتعزيز حماية منظومات حزب الله بشكل يجبى من إسرائيل ثمنا باهظا فى جنوب لبنان.
وقال الباحثان، إن حزب الله كان يؤمن بأنه طالما لم ينهار تحت الضغط العسكرى الإسرائيلى فإنه يمكنه الادعاء بأنه انتصر، ولكن الحرب فى سوريا غيرت نظرية الدفاع لدى حزب الله.
أهداف الحزب فى سوريا
واضطر حزب الله فى سوريا إلى تغيير أهدافه بحيث تقوم الآن على السيطرة على مناطق لفترات طويلة، ومحاربة تنظيمات الإرهاب والعصابات المنافسة، ويقوم الآن بتفعيل وحدات تضم مئات الجنود لشن هجمات على مناطق لا يعرفها جيدا.
وتستعين قوات حزب الله بتشكيلة منوعة من الوسائل الحربية، فحسب بولك وكاتس فإنه "بالنسبة لقادة حزب الله يمكن لهذه التجربة أن تغير رأيهم بشأن الطريقة الناجحة للانتصار فى المعارك، والتواجد الروسى هناك يعنى ان قوات حزب الله تتعلم الدروس من احد افضل الجيوش فى العالم".
إنشاء غرف عمليات بين الحزب وروسيا
واقتبس الباحثان تقارير تحدثت عن انشاء غرف عمليات مشتركة للجيش الروسى وحزب الله فى دمشق واللاذقية، وعن مشاركة قوة من حزب الله فى عملية انقاذ طيار روسى تم اسقاط طائرته فى نوفمبر الماضى.
وحسب الدراسة فإن حزب الله سيتعلم طرق التفكير والتجربة العسكرية للضباط الروس، كما تبلورت خلال الحرب فى الشيشان، وسيتمكن من دراسة كيفية تفعيل قواته بشكل فاعل فى الهجمات التى يشنها على مناطق إسكانية مكتظة، كما يمكن للتنظيم مراكمة تجربة ومعرفة كبيرة فى تفعيل الوسائل القتالية التى لم يملكها من قبل، حزب الله سيتمتع بأول فرصة لمشاهدة كيفية استعداد وتخطيط قوة عسكرية من الدرجة الأولى للعمليات".
اكتساب المهارات الاستخبارية من روسيا
وقال الباحثان، إن مشاركة سوريا فى التحاف الذى قادته الولايات المتحدة خلال حرب الخليج الاولى ضد العراق فى 1991، ادى الى تغيير بعيد المدى فى الفهم الاستراتيجى لدمشق وصياغة طريقة حرب مختلفة ضد إسرائيل، ومن المتوقع أن يحصل حزب الله على معلومات استخبارية من روسيا ويتعلم منها طرق تسلم المعلومات من المصادر المختلفة وتحليلها.
وأضافت الدراسة التى أعدها الباحثان، أن حزب الله لم يعد يبدو ملتزما بمفهوم "عدم الخسارة" الذى وجهه طوال سنوات بشأن المواجهات المحتملة مع إسرائيل، مشيرة إلى تهديدات الامين العام للتنظيم حسن نصر الله بقيام قواته باحتلال بلدات اسرائيلية قريبة من الحدود، فى حال اندلاع حرب فى المستقبل.
القدرات الجديدة لحزب الله
وحسب رأيهما فإن القدرات الجديدة التى يمتلكها حزب الله فى سوريا الآن، والتى ستتعاظم فى ظل المحاربة المشتركة الى جانب الروس، ستخدم التنظيم فى توازن القوى داخل لبنان، حيث إن مستوى محاربة التنظيم سيتعاظم خاصة بالمقارنة مع الجيش اللبنانى الذى لا يراكم تجربة ومفاهيم مشابهة.
وفى نهاية الدراسة، قال كاتس وبولك، إن الخصوم الذين يحاربهم حزب الله فى سوريا، مثل "جبهة النصرة" وتنظيم "داعش"، لا يتمتعان بمستوى عسكرى يشبه المستوى الاسرائيلى.
بقاء الجيش الروسى بسوريا يثير مخاوف إسرائيل
وفى السياق نفسه، كشف تقرير لموقع "واللا" الإخبارى الإسرائيلى، أن ضابطا رفيعا فى مقر القيادة العامة للجيش الإسرائيلى قال إن سلاح الجو الإسرائيلى لم يحلم حتى فى كوابيسه بأنه سيعمل فى الساحة الخلفية لإسرائيل فى سوريا فى ظل تواجد جيش روسى يتسلح بأفضل الطائرات والصواريخ.
وأوضح الموقع الإسرائيلى أن ذلك يأتى ذلك فى ظل الكشف عن الاتفاق الروسى- السورى الذى يسمح لروسيا بالتواجد العسكرى غير المحدود على الأراضى السورية، لافتا إلى أن تل أبيب إذا كانت تعتقد أن هذا التواجد سيكون مؤقتا، وسيتبخر مع استقرار النظام فى سوريا والمنطقة، فقد أثبت الرئيس فلاديمير بوتين أنه يصر بشكل أكبر.
التخوف الإسرائيلى من تقويض سلاحه الجوى فوق سوريا
ولفت الموقع الإسرائيلى إلى أن هذا الاتفاق الذى نتج عن ضغوطات سياسة طويلة مارسها الروس طوال عشرات السنوات يرفع وتيرة القلق لدى الجيش الإسرائيلى الذى يتخوف من تقويض تفوقه الجوى فى المنطقة.
وأوضح التقرير الإسرائيلى أن "الكرملين" قد عمل من خلف الكواليس ومارس الضغوط الشديدة على الأسد وقادة النظام السورى كى يصادقوا على الحلم العسكرى الروسى، وهو إنشاء قاعدة دائمة لسلاح الجو الروسى فى الشرق الأوسط، وهكذا فى الوقت الذى انشغلت فيه أجهزة الاستخبارات الغربية فى مسألة ما إذا ستتحول شواطئ اللاذقية إلى ميناء منزلى للأسطول الروسى، نجح بوتين بتمرير خطوة سترسخ قوته فى المنطقة وتضخم القوة السياسية للكرملين، وتقلص من تفوق سلاح الجو الاسرائيلى.
الخطوط الحمراء للجيش الإسرائيلى
وعلى الرغم من ان جهات فى الجهاز العسكرى الإسرائيلى تقول ان الجيش الاسرائيلى يطبق خطوطه الحمراء بدون أى ازعاج، بشكل خاص فى مسألة ارساليات الاسلحة من ايران الى حزب الله، عبر سوريا، إلا ان اعلان الكرملين عن تجديد الاتفاق مع سوريا، وما حققه الكرملين ترك أفواه المسئولين فى الجيش الاسرائيلى مفتوحة، حيث يسود التقدير بأن انشاء قاعدة سيشمل اقامة برج رقابة كبير يساعد على استيعاب طائرات وأجهزة رادار روسية مختلفة.
تخوف من تسرب معلومات استخبارية حول إسرائيل
وسيكون أول معيار إسرائيلى سيتضرر من هذا التوسع الروسى، هو السرية، حيث يسود التخوف الآن من تسرب معلومات استخبارية حول إسرائيل، قامت بجمعها المنظومات الروسية، ويمكن أن تصل إلى إيران وحزب الله وحلفاء موسكو فى الحرب ضد الجهاديين فى سوريا، كما تتخوف إسرائيل من تقييد مسارات عملها خلال العمليات المترامية الاطراف وذات الحساسية الاستخبارية العالية.
وقال خبير عسكرى إسرائيلى للموقع العبرى، إن المقصود ليس ضربة يائسة لإسرائيل، لكنه يجب على الجيش الإسرائيلى الاستعداد كما يجب، مضيفا: "لا يوجد شىء مستحيل بالنسبة لسلاح الجو، لكن عملية التعود على الواقع ستكلف ثمنا، يتمثل فى الأساس بالوقت والموارد".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة