طارق الخولى

متى تثور الأمم.. ومتى يثور المصريون؟

الإثنين، 18 يناير 2016 09:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

شوف آثار أجيال ملوا الدنيا حضارة وابتكار
علموا قلب الحجر يوصف معارك الانتصار
علموه يبقى سفير الدهر ليهم بالفخار
كان نهار الدنيا ما طلعشى وهنا عز النهار


هكذا أبدع الشاعر «عبدالفتاح مصطفى» فى قصيدة «طوف وشوف»، فى وصف الشعب المصرى، فأنت أمام شعب متفرد، يجمع فى طيات شخصيته الكثير، حتى من المتناقضات والمعضلات.
فالأركان الأساسية لأى دولة أربعة، الجماعة البشرية (الشعب)، والإقليم، والنظام السياسى، والاعتراف الدولى، فمصر يكمن سرها وسحرها وبهاؤها، وعظمتها فى جماعتها البشرية قبل أى شىء، فهذا الشعب قد احتار الكثيرون فى فهمه، ففشلوا فى حساب ردود أفعاله، وفى توقع انتفاضاته، فهو المتفرد الذى استطاع أن يبتلع ويستوعب عبر التاريخ كل الثقفات التى جاءته معتدية، فأثر فيها قبل أن يتأثر بها، فسنجد أن الغزاة من مشارق الأرض ومغاربها الذين جاءوه مستعمرين قد فشلوا فى إضفاء لغتهم وثقافتهم عليه، بل اضطروا فى كثير من الأحيان إلى إتقان لغته، والتمرس بعادته وتقاليده بعكس تجارب دول المغرب العربى مثلاً التى تأثرت بالاحتلال الفرنسى، فصارت شعوبها للأسف تجيد اللغة الفرنسية أفضل من العربية.
فالثورة فى حياة الأمم تختلف فيها مسببات الإحداث ولحظات الوصول وتحقيق ذروة انتفاضة الشعوب من جنس لآخر، فهذه اللحظة–أى لحظة ذروة الانتفاضة– ليست نمطية الحدوث، وإنما يرجع اختلافها ليس للوعى الفكرى فحسب، ولكن كذلك للتكوين التراكمى والجينى لعراقة الشعب، وعظمة جماعته البشرية، وروعة إسهاماته الإنسانية لأجياله المتتابعة على مدار قرون طويلة.
فقد عُرفت الثورة بأنها الخروج عن وضع راهن، وانتفاضة الشعب بسبب الغضب أو التطلع إلى الأفضل، بقيادة نخب وطلائع من مثقفيه ضد نظام حكم فاسد ومستبد أو حتى خائن وتابع أو محتل معتد، وذلك لإحداث تغيير جذرى فى شتى مناحى الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، بما يحقق فى النهاية الاستقلال الوطنى، إذا ما كانت الثورة على نظام حكم محتل أو تابع لاحتلال عسكرى أو سياسى أو أيديولوجى أو طموحات الوصول لنظام سياسى نزيه وعادل، يحمى الحقوق والحريات ويسعى لنهضة شاملة للمجتمع.
فهذا التعريف قد يكون شاملاً للتعريفات التقليدية والأكثر حداثة لمفهوم الثورة، فهو ليس ببعيد عما وُضع مع انطلاق الشرارة الأولى للثورة الفرنسية الملهمة لكثير من الأمم، كما أن الماركسيين لم يغيروا الكثير فى هذا المفهوم سوى استبدال القيادة من النخب والطلائع المثقفة بطبقة قيادات العمال «البروليتاريا».
فقد بين التعريف السابق مسببات ثورة الأمم بشكل عام، لكن مع ذكرى ثورة 25 يناير المجيدة نجد عند البحث فى مسببات الثورة فى تاريخ الشعب المصرى منها الوقوف على أسباب ثورة 30 يونيو، أن المصريين عبر الأزمان لا يجورون على من أحسن إليهم، بل يثورون فقط فى ثلاث حالات، إما أن يُمس عرضهم أو أرضهم أو دينهم اعتداءً أو استبداداً. فأعتقد أنه من أدق من حللوه وحالفهم التوفيق فى إبراز حالات ثورتهومسببات انتفاضته، هو «الحجاج بن يوسف الثقفى» فى وصفه للمصريين فى وصيته لـ«طارق بن عمرو»، حيث قال: «إذا ولاك أمير المؤمنين أمر مصر، فعليك بالعدل فهم قتلة الظلمة، وهادمو الأمم، وما أتى عليهم مقبل بخير إلا التقموه كما تلتقم الأم رضيعها، وما أتى عليهم مقبل بشر إلا أكلوه كما تأكل النار أجف الحطب، وهم أهل قوة وصبر وجلدة وحمل، ولا يغرنك صبرهم ولا تستضعف قوتهم؛ فهم إن قاموا لنصرة رجل ما تركوه إلا والتاج على رأسه، وإن قاموا على رجل ما تركوه إلا وقد قطعوا رأسه، فاتق غضبهم، ولا تشعل ناراً لا يطفئها إلا خالقهم، فانتصر بهم، فهم خير أجناد الأرض، واتق فيهم ثلاثاً: نساؤهم فلا تقربهن بسوء وإلا أكلنك كما تأكل الأُسود فرائسها، وأرضهم وإلا حاربتك صخور جبالهم، ودينهم وإلا أحرقوا عليك دنياك، وهم صخرة فى جبل كبرياء تتحطم عليها أحلام أعدائهم وأعداء الله».








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة