«عمل مدفون فى قبر»، «سحر مدفون فى كفن ميت»، «عمل على عظم ميت»، مصطلحات عديدة يعرف بها «سحر المقابر» الذى يعد أحد أنواع السحر الأسود المدفون وأخطرها وأشدها فتكًا أيضًا، وترجع خطورته لأسباب عديدة، أهمها صعوبة الوصول إليه وتحديد مكانه من أجل إبطاله والتخلص منه، إلى جانب خطورة جن المقابر الذين يعتبرون من أخطر أنواع الجن وأكثرهم إيذاءً للإنسان.
وبسبب أنواع السحر المختلفة المرتبطة بالموت والمقابر وأدوات تغسيل الميت وكفنه ارتبطت هذه الأشياء بهالة إضافية من القدسية والمهابة إلى جانب هيبة الموت، ولهذا السبب أيضًا يرفض الكثيرون أن يتواجد بالقرب من جثمان الميت إلا المقربون منه الثقات الذين يصعب أن يتورطوا فى مثل هذه الجريمة ويدسوا أى نوع من السحر فى كفن الميت أو فى جسده.
وسواء كان السحر الأسود المدفون فى المقابر حقيقيا أم مجرد أسطورة، يظل موجودًا فى أذهان الكثيرين ومنتشرًا فى العديد من الدول العربية، خاصة فى دول المغرب والجزائر وتونس، وارتبط بالكثير من القصص المرعبة والأساطير فى مصر.
أعراض سحر المقابر
باعتباره أحد أنواع السحر المدفون، فإن أعراض سحر المقابر لا تختلف كثيرًا عن أعراض السحر المدفون، إلا فى درجة شدتها، وقد يختلف الهدف من السحر المدفون فى المقابر بين سحر الجلب أو سحر التفريق أو سحر المرض حتى الموت أو وقف الحال، لكن أعراضه المتعارف عليها تكون واحدة، ومن أبرزها الكآبة والميل للعزلة، والغضب الشديد على أتفه الأسباب، والشعور المستمر بالإرهاق والتعب إلى جانب ضعف الشهوة الجنسية وقلة الإقبال على الطعام.
ويقال أيضًا، إن من أعراض السحر المدفون فى المقابر الألم الشديد فى مؤخرة الرأس أو منتصفها فى شكل وخز متقطع، خاصة ليلاً، وقلة التركيز فى العمل مع الإرهاق الذهنى المستمر، والشعور بضيق شديد عند النوم، إلى جانب الزغللة فى العينين.
أما الأعراض التى تفرق السحر المدفون فى المقابر عن السحر المدفون العادى فهى رؤية الأموات وسماع صراخهم ورؤية الأراضى الزراعية أو التراب باستمرار، كما يكره الشخص المسحور أن يقف بكثرة على الرمال ويصبح منطويًا يحب البيت ولا يفارقه ويشعر بالضيق عند الخروج، ويحلم كثيرًا بأنه يسقط من مكان مرتفع جدًا.
أنواع السحر الأسود المرتبط بالمقابر
مثلما تتعدد أهداف السحر الأسود المرتبط بالمقابر والموت، تتعدد أشكاله أيضًا بين السحر الذى يتم دفنه فى المقابر والمدفون فى كفن الميت، والسحر المدفون داخل جسد الميت نفسه، والسحر المكتوب على عظام الميت، إلى جانب السحر الذى يتم عمله بأدوات تغسيل الميت.
السحر المدفون فى المقابر
يفضل الكثير من السحرة أن يدسوا السحر والأعمال فى منطقة المقابر، لأنها من جهة تكون بعيدة عن العمران والسكان، ومن جهة أخرى يصعبون فك العمل والوصول إليه، سواء من قبيل الصدفة أو إذا حاول أحد فك العمل، أما السبب الآخر لميلهم إلى دفن السحر فى المقابر هو أن جن المقابر من أخطر أنواع الجن، وغالبيتهم من الصنف المؤذى من الجن. ويلجأ السحرة إما لدفن السحر فى منطقة المقابر، تحت شجرة أو بالقرب من القبور نفسها، وأحيانًا ما ينبشون القبور ويدفنوه داخلها إمعانًا فى تصعيب مهمة الوصول إليه على من يحاول فكه.
وتكررت أكثر من مرة ظاهرة اكتشاف سحر مدفون فى المقابر خاصة فى دول المغرب، وللأسف كثيرًا ما يتورط حراس المدافن أو الحانوتية فى دس السحر فى منطقة المقابر، أو نبش القبور من أجل دس السحر داخلها.
السحر المدفون فى الكفن أو المصنوع به
نوع آخر من السحر يرتبط بالموت والمقابر وهو السحر المدفون فى الكفن، والذى يتم دسه فى الكفن، إما أثناء تجهيز الميت للدفن وتكفينه، وقد يتورط فى ذلك إما المغسل أو أحد الموجودين بالمكان أثناء غسل الميت وتكفينه، ولذلك يحرص الأهل على ألا يتواجد مع الميت فى هذا الوقت إلا الأشخاص الموثوق بهم.
وأحيانًا ما يتم دس السحر فى كفن الميت أثناء عملية الدفن، من قبل التربى أو مساعده، فى هذه الحالة يصعب على أهل الميت اكتشاف الأمر، وأحيانًا يتم دس السحر فى كفن الميت بعد إتمام عملية الدفن وانصراف الأهل.
وهناك نوع آخر من السحر يتعلق بالكفن، وهو الذى تتم صناعته بكفن قديم لميت، وهو أيضًا يتم دفنه فى المقابر أو دفنه تحت الأرض بشكل عام.
وتتنوع أصناف السحر الأسود المصنوع من الكفن، أشدها شرًا «سحر الموت» و«سحر المرض» الذى يصنع من كفن الميت، وهناك أيضًا سحر «ربط الرجل» عن الزواج أو الإنجاب، وسحر يقال عنه إنه «للانتقام من الزانى»، والسحر المخصص لتسليط الحمى.
«سحر التغسال» يحول أدوات غسل الميت إلى أسلحة فتاكة
نوع آخر من السحر المرتبط بالموت والمقابر معروف فى جميع أنحاء العالم العربى، وفى المغرب يطلق عليه اسم «سحر التغسال» وهو السحر الذى يستخدم أدوات غسل الميت وماء الغسل من أجل عمل سحر أسود، ومن أخطر لوازم غسل الميت التى تستخدم فى السحر الأسود ماء الغسل، الذى يحرص أهل الميت على التخلص منه والتأكد من ذلك كى لا يستخدمه أحد فى عمل السحر فهو يستخدم فى سحر للتفريق بين الزوجين، وسحر العقم وسحر تعطيل الزواج، وأحيانًا يستخدم فى سحر ليكون الزوج منصاعًا إلى زوجته ولا يعارض تصرفاتها أبدًا.
ومن أجل الحصول عليه يلجأ السحرة للكثير من الحيل، من أشهرها حيلة عصر ممسحة الأرض للحصول على الماء بعد تجفيفه، فيما يعرض آخرون على أهل الميت شراء ماء غسله، ومن المعروف فى الجزائر أن ماء غسل الميت يباع بثمن باهظ للغاية.
ويستخدم فى السحر أيضًا الإبرة التى يتم بها إغلاق كفن الميت، وكذلك «الصابونة» التى يتم غسله بها والمشط الذى يستخدم لتصفيف شعره أثناء الغسل، وحتى الشعر الذى يتساقط أثناء غسل الميت.
السحر بعظام الميت
وفى جريمة ثلاثية يتورط بعض السحرة فى عمل السحر باستخدام عظام الميت، لينتهكوا بذلك حرمة الموت وينبشوا القبر إلى جانب تورطهم فى عمل سحر أسود.
ويعد السحر المكتوب على عظام الميت من أشهر أنواع السحر الأسود، ومن أجل عمله يقوم الساحر بكتابة التعاويذ والطلاسم على جزء من عظام ميت ثم يعيد العظام مرة أخرى إلى القبر لدفن السحر.
ويستخدم هذا السحر لأغراض كثيرة، منها سحر الجلب وسحر الانتقام.
وهناك نوع آخر من السحر باستخدام عظام الميت، حيث تستخدم عظام الميت كبخور معروف باسم «التفوسخة» أو «بخور عظم اليهودى».
ومن الشائع أيضًا أنه يتم استخدام عظام الموتى لأغراض أخرى متعلقة بالسحر، وهى «فك المكبوسة» أى المرأة التى لا تنجب ويرجعون السبب فى ذلك إلى أنها «مكبوسة»، وهذه المرأة تذهب للمقابر وتطلب من التربى أن يخرج لها عظام أحد الموتى، أحيانًا تطلب أن تكون عظام يد عروسة ماتت يوم زفافها، وتخطو المكبوسة على العظام مرات معينة، ثم تأخذها إلى بيتها وتضعها فى الماء وتستحم فوقها.
إبطال السحر المدفون فى القبور
تختلف آراء الرقاة الشرعيين فى مسألة إبطال السحر المدفون فى القبور، فالمعروف أن أضمن طرق إبطال السحر هى الوصول إليه وإفساده والتخلص منه، وفى حالة دفنه فى القبور سيضطرون فى حالة الوصول إليه إلى نبش القبور من أجل إخراجه، وهنا يختلفون، بين نبش القبر لإخراج السحر لأن «الحى أبقى من الميت»، وإما محاولة إبطاله بطرق أخرى بعيدًا عن نبش القبور.
ومن أشهر طرق إبطال السحر فى الأماكن التى لا يمكن الوصول إليها تحضير دلو ماء به كمية من الملح تقرأ عليه آيات الرقية وآيات السحر ثم يتم رشه على المكان الذى يظن أن به السحر، وللتأكد من أن هذا هو المكان الصحيح يطلب الراقى من الشخص المسحور أن يمر من هذا المكان دون إخباره بأنه من المحتمل أن يكون مكان السحر، وإذا ظهرت عليه علامات الخوف والاضطراب والتشنج والرعشة وكل علامات السحر يعرف أن يكون هذا المكان الصحيح.
ويستخدم الرقاة أيضًا الرقية الشرعية الصحيحة فى إبطال السحر المدفون، ولكن لأن السحر يظل مكانه ينصحون الشخص المسحور بمتابعة قراءة سورة البقرة يوميًا، والاغتسال بالماء المرقى وشربه، والمواظبة على الأذكار وآية الكرسى والوضوء كى لا يرتد السحر مرة أخرى.
سحر المقابر فى العالم العربى.. منتشر بكثافة فى المغرب والجزائر وتونس
السحر المرتبط بالمقابر والموتى موجود فى كل الدول العربية ومعروف لكل المهتمين بالسحر الأسود، ولكنه منتشر بكثافة كبيرة فى دول المغرب العربى خاصة المغرب والجزائر التى يضج أهلها بالشكوى من انتهاك حرمة الموتى بفعل السحرة، وهو ما دفع العديد من الجمعيات المغربية إلى مطالبة الحكومة بالاهتمام بالقبور وتوفير مقابر جديدة بمعايير تحترم قدسية الموت، وتوفير مراقبة أمنية لهذه المقابر للحد من هذه الممارسات والعبث بالقبور.
ومن خلال جولة واحدة على اليوتيوب ستجد مئات المقاطع المصورة لحالات اكتشاف السحر فى المقابر بالمغرب واستخراجه من القبور، وهو ما يكشف مدى تفشى الظاهرة فى المغرب.
وتنفرد المغرب أيضًا بأنواع سحر مرتبطة بالمقابر، وتعده الساحرات من خلال انتهاك حرمة ميت تم دفنه فى اليوم نفسه، تخرجه من القبر وتخرج ذراعيه من كفنه وتستخدم يديه فى فتل «الكسكسى» الأكلة الشعبية الأولى فى المغرب وتقدمه للشخص الذى تريد سحره وإخضاعه، ويقال إن هذا النوع من السحر مشهور لدرجة أنه كان يستخدم لتهدئة الأزمات السياسية بين القبائل.
وفى السنوات الأخيرة ومع تدهور الأوضاع بالعراق، ازداد انتشار السحر فى العديد من مناطق بغداد والجنوب، وأشهره سحر المقابر التى يلاحظ العاملون فيها أن هناك الكثير من النساء اللائى يدخلن مناطق المقابر ليلاً لدفن أعمال سحرية بين القبور، أو البحث عن أعمال سحرية مدفونة لإبطالها.
وتمثل مقبرة وادى السلام فى مدينة النجف الأشرف بالعراق بؤرة لأعمال السحر والشعوذة، خاصة أنها أكبر مقبرة فى العالم وبها أكثر من 10 ملايين قبر.
سحر القبور وارتكاب سلسلة من المحرمات
بعيدًا عن المرويات الشعبية عن الأشخاص الذين حرموا رؤية بيت الله الحرام رغم وقوفهم أمامه بسبب تورطهم فى السحر الأسود، وخاصة السحر الذى ينتهك حرمة الموتى والقبور، فإن من يمارس هذا النوع من السحر يرتكب سلسلة من المحرمات، فالسحر من الأساس هو من الكبائر الموبقات، حيث روى البخارى ومسلم عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضى الله عنه عَنْ النَّبِى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «اجْتَنِبُوا السَّبْعَ الْمُوبِقَاتِ» قَالُوا: «يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا هُنَّ؟» قَالَ: «الشِّرْكُ بِاللَّهِ، وَالسِّحْرُ، وَقَتْلُ النَّفْسِ الَّتِى حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بِالْحَقِّ، وَأَكْلُ الرِّبَا، وَأَكْلُ مَالِ الْيَتِيمِ، وَالتَّوَلِّى يَوْمَ الزَّحْفِ، وَقَذْفُ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ الْغَافلاتِ».
ويرتكب المتورط فى هذا النوع من السحر جريمة أخرى، وهى نبش قبر الميت، وانتهاك حرمته، حيث قالت أم المؤمنين عائشة، رضى الله عنها، قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: «كسر عظم الميت ككسر عظم الحى» رواه أبو داود، وبذلك يحرم الإسلام نبش القبر وإخراج الميت منه، ويعتبر ذلك اعتداء على الميت وانتهاكًا لحرمته.
موضوعات متعلقة:
أشهر حكايات السهر والشعوذة بالملاعب..مرتضى منصور يتهم الأهلى بالسحر.. الحضرى والعشرى أبطال مسلسل جاميكا..الاتحاد يشكو مياه المصرى.. معزة النيجر وحجاب أشانتى وعظام السنغال أبرز تقاليع أفريقيا المسحورة
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة