تلقى الشعب المصرى فى أول أسبوع من عمر البرلمان صورة سلبية عن مجلس النواب، خاصة فى الجلسات المذاعة على الهواء لأسباب تتعلق بالأساس بسلوك النواب فى أول جلسة ما كان ينبغى أن يظهر مبكرا، ولكن مد الخط على استقامته وإطلاق الأحكام العامة على البرلمان بدورته التشريعية بأنه برلمان «سمك، لبن، تمر هندى»، أمر غير صحيح، البرلمان يحتاج إلى إعادة تقييم، لأن الأسبوع الثانى مثلا من البرلمان شهد عددا من المواقف المختلفة التى تدفعنا نحو التفكير فى تركيبة البرلمان من جديد وفقا لتطورات الأحداث فيه، ولك عزيزى القارئ الأمثلة الآتية.
رغم اتفاق كل القوى السياسية والائتلافات تحت القبة على تمرير القوانين فى فترة الـ15 يوما للخروج من أزمة المادة 156 من الدستور، إلا أنه كان هناك وعى جماعى لدى النواب واتفاق غير معلن برفض قانون الثروة المعدنية، وهو قانون لم يحصل على ضجة إعلامية فى وسائل الإعلام مثلا بقدر قانون الخدمة المدنية، ودلالة الأمر أن عددا كبيرا من النواب يقرأ القوانين، ويدرسها ويبدى رأيه فيها وفقا للعقل والمنطق لا وفقا لمبدأ «مرر القانون.. موافقة.. موافقة».
نفس الأمر تكرر مع قانون تحصين عقود الدولة، ودعنا هنا من الجدال على أهمية القانون من عدمه، ولكن أتحدث معك أيضا على فكرة الرفض، والتى جاءت دون اتفاق مسبق، وأقصد أن حزب المصريين الأحرار مثلا أو ائتلاف دعم مصر لم يعلن رفضه للقانو، ولا حتى حزب الوفد، أو كتلة المستقلين، ولكن فوجئنا بأن أغلب النواب رافضون القانون، وهو ما يعطى دلالة أخرى على أن النواب يقرأون للمرة الثانية.
التصويت فى قرار رئيس الجمهورية الخاص بإعفاء رؤساء الهيئات الرقابية، هو أكبر دلالة على نضج عدد كبير من النواب فكريا، لأن المعروف حاليا أن هذا القانون يصنفه الإعلام بقانون عزل هشام جنينة، والآن توجد مئات الملاحظات من أجهزة الدولة على أداء هشام جنينة وعلى رقم الـ 600 مليار جنيه فساد، وبالتالى فإن الرأى العام مهيأ لاستخدام هذا القانون، وأن الرأى العام نفسه تفهم خلفيات صدور هذا القانون، ومن ثم وجب الموافقة عليه، ولكن نواب الشعب هنا رفضوا منطق القانون. رفضوا منطق وجود يد عليا تقيل أو تعين رئيس جهاز رقابى مستقل، وهذا أصل دستورى صحيح.. نعم القانون جرى الموافقة عليه ولكن ما يزيد على 135 نائبا رفضوا.. وكانت مبرراتهم مهمة.. اليوم معنا رئيس يخاف على البلاد، ولكن بعد ذلك ماذا نفعل لو معنا رئيس توغل فى السلطات.. هذا القانون تحديدا أعاد تقييمى لمجلس النواب.
على الجانب الآخر، موقفان قانونيان للمستشار مرتضى منصور فى الجلستين الأخيرتين غير المذاعتين فى غاية الخطورة لم ينتبه إليهما أهل القانون بالمجلس بالأساس، وأثبتا وجود عوار دستورى بقانونى قانون الكيانات الإرهابية والتعليم، واقتنع رئيس المجلس بمنصور وأثبت ملاحظاته فى المضبطة لإدراجهما فيما بعد كاقتراحات بقوانين، بما يعنى أن منصور تغير أداؤه تحت القبة.
نواب حزب النور، لم يرفضوا كل القوانين كما كان مشاعا أنهم سيرفضون كل شىء، من بين ما رفضوا قانون السجون، لما يتضمنه من عوار دستورى، وهو ما يعكس سيرهم فى الاتجاه الصحيح بالبرلمان وليس الاتجاه المعطل.
أخيرا.. للأمانة، تبقى عدد من السلبيات فى البرلمان، 3 نواب تركوا بطاقات التصويت لزميلهم، فقام هو بالتصويت لهم فى حرم البرلمان، وكانت أشبه بالتصويت الجماعى.. ونواب آخرون تركوا القاعة وقت التصويت على اللجان وذهبوا لاستخراج بطاقات شخصية جديدة مكتوب عليها «عضو مجلس نواب».
هذه الملاحظات بإيجابياتها وسلبياتها، تحتاج منا لإعادة التقييم من جديد للبرلمان، لا للتقليل أو التعظيم، ولكن لحمايته من الانحراف، ولمساعدته على إنجاح مهمته.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة