رغم نجوميته وشهرته التى كانت ملء السمع والبصر فهو الكوميديان الذى أحدث تغييرا فى شكل الكوميديا فى السينما والمسرح فى فترة الأربعينات إلا أن الفنان الراحل نجيب الريحانى الذى تمر علينا اليوم ذكرى ميلاده الـ127، رفض شراء سيارة حيث كان يحمل بداخله خوفا كبيرا من فكرة اقتنائه لأى سيارة والسبب فى ذلك على حسب ما ذكره الريحانى فى مذكراته أن أحد العرافات تنبأت له بأنه سيتعرض لحادث تصادم بسيارته لذلك فضل ركوب عربيات الخيل.
ومن أكثر المواقف الكوميدية التى ذكرها الريحانى فى مذكراته حدثت فى عام 1910 عندما عثر الفنان الراحل نجيب الريحانى على وظيفة فى شركة السكر بنجع حمادى ويروى الريحانى فى مذكراته عنها ويقول "ذهبت للوظيفة وابتعدت عن العاصمة تاركاً وسط التمثيل الخبيث وأظهرت نشاطاً فى العمل بشركة السكر كان موضوع ثناء من رؤسائى فى العمل.. بعد 7 أشهر تعرفت على بشكاتب الشركة وكان يسكن أمامى وكانت زوجته شديدة الجمال وفى عمر ابنته وحدث بيننا حب واتفقت على أن تترك لى باب شقتها مفتوحاً لنلتقى ليلا لكن الخادمة استيقظت وأغلقت الباب.. وقررت أن أدخل من فتحة بالسقف وما أن نزلت الشقة حتى استيقظت الخادمة وصرخت بأعلى صوتها حرامى وتم القبض على وفصلت من العمل.
نجيب الريحانى على قدر مرحه وفكاهته إلا أن الحزن كان يملأ قلبه وكان هذا واضحا للمقربين منه ولكنه كان يخفى مشاعر الحزن عن جمهوره حتى لا يفقد رسالته الفنية وهى رسم البسمة على شفاهم، وسبب حزن الريحانى شقيقه الأصغر جورج الريحانى.. الذى اختفى قبل وفاة الريحانى بسنوات طويلة وظل سبب اختفائه حتى مات نجيب ولا يزال لغزا غامضا تكتنفه الإشاعات فمن قال إنه أسلم وانضم إلى جماعات صوفية وتردد أنه ترهب واعتكف فى أحد الأديرة، أجر الريحانى فى السينما وصل أربعة آلاف جنيه وكان يحن إليها من وقت لآخر ويترك المسرح، وكان الريحانى يهرب من الحفلات العامة ولا يتردد على حضورها ولكنه كان يحرص على إقامة حفلات لأصدقائه ويطهى لهم الطعام وكان يؤمن بالحظ والفال والأحلام.
ولد نجيب الريحانى فى حى باب الشعرية العتيق ومعالمه الأثرية لأب يدعى إلياس ريحانة من أصول عراقية، يعمل فى تجارة الخيول، ووالدته مصرية وتدعى "لطيفة"، عانى نجيب الريحانى من الفقر فى طفولته بعد توقف تجارة والده، والتحق نجيب بمدرسة "الخرنفش" ثم "الفرير" حيث برع فى اللغتين العربية والفرنسية وبسبب عدم قدرة والده على مصاريف المعيشة اضطر الريحانى ترك التعليم هجر الفتى التعليم والتحق بوظيفة صغيرة بالبنك الزراعى، وهناك التقى بصديق عمره عزيز عيد وبسبب حبهما للفن وعملهما فى المسرح ككومبارسات فى بدايتهما كان ذلك يمنعهما من الاستيقاظ مبكرا للذهاب إلى عملهما بالبنك مما أدى لفصلهما من العمل.
من أعماله التى تسببت فى خروجه من مصر هربا من الاعتقال أو بطش الملك به مسرحية "حكم قراقوش"، والتى كتبها صديقه الفنان بديع خيرى، وهاجم فيها الملك فاروق والأكثر من ذلك أن الملك عندما طلب منه تقديم مسرحية فى قصره ليشاهدها، أصر على تقديم هذا النص ضاربا باعتراض خيرى عرض الحائط، ورغم عدم ندمه على هذه الخطوة خاف بعدها وفضل السفر خارج مصر متجها للبرازيل، وكانت المسرحية تحكى قصة ملك ظالم، يعيش شعبه حياة الفقر والحرمان، وفهم فاروق أنه هو الحاكم المقصود، وأن الشعب الفقير هو الشعب المصرى، وأن أحداث المسرحية إسقاط على ما يحدث فى مصر.
رحل نجيب الريحانى عام 1949 قبل إتمام مشاهده الأخيرة من فيلم "غزل البنات" أمام المطربة ليلى مراد والفنان أنور وجدى، وهو ما جعل أنور مخرج الفيلم يضطر لتغيير النهاية، توفى الريحانى متأثرا بمرض "التيفود"، وبحسب ما ينسب للدكتور أحمد سخسوخ الناقد المسرحى، أرجع وفاة الريحانى للإهمال الطبى من قبل إحدى الممرضات التى أعطته جرعة زائدة من الدواء.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة